فرضت ميليشيا الحوثي اليمنية، إجراءات اقتصادية جديدة غير معلنة، قال مختصون إنها تعرقل حركة التجارة الداخلية في البلاد، وتشكل تنصلا من اتفاق "خفض التصعيد" الذي وُقِّع في يوليو/ تموز الماضي.
ومنع الحوثيون خلال الفترة الأخيرة، دخول البضائع والسلع الواردة عبر الموانئ البحرية الخاضعة للحكومة اليمنية، إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم، التي تحتضن نحو 70% من إجمالي الكثافة السكانية في البلاد.
وكشفت رجل الأعمال اليمني، سامي شمسان، أن إجراءات الحوثي تسببت بخسائر مالية للتجار، بعد منعهم من توزيع بضائعهم في مناطق سيطرة الميليشيا.
تداعيات سلبية
وقال عضو الغرفة التجارية والصناعية بعدن، المنسق العام للجنة الإغاثية في اليمن، جمال بلفقيه، إن "الحوثيين يواصلون عمليات التعسف ضد التجار المحليين، مما يعرقل أنشطة القطاع التجاري في البلاد، ويسهم في مضاعفة معاناة اليمنيين ".
وبين بلفقيه في حديث لـ"إرم نيوز" أن" ميليشيا الحوثي، فرضت خلال الفترة الماضية رسوما جمركية كبيرة على البضائع والسلع المتجهة إلى مناطق سيطرتهم، بعد وصولها إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ما يجرع التجار دفع الرسوم الجمركية مرتين، وذلك ينعكس على رفع ثمن هذه السلع على المواطنين".
ضغوط جديدة
بدوره، يرى المحلل الاقتصادي، ماجد الداعري، أن قرار الحوثيين "يأتي من أجل إحكام قبضتهم على الملف الاقتصادي، وفرض ضغوط جديدة على الحكومة الشرعية، لتقديم مزيد من التنازلات، بعد وصول التسوية الأخيرة المتعلقة باستئناف تصدير النفط الخام وتوحيد العملة المحلية، إلى طريق مسدود".
وقال لـ"إرم نيوز" إن "الحوثيين اعتادوا تعطيل الاتفاقات والتسويات الاقتصادية، من أجل تحقيق المزيد من المكاسب"، مشيرا إلى أن ذلك "يتكرر منذ اتفاق ستوكهولم الذي نصّ على أن تورّد جمارك ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، إلى حساب مستقل بالبنك المركزي فرع الحديدة، وأن تصرف كمرتبات لموظفي قطاعات الدولة المنقطعة رواتبهم في مناطق سيطرة الحوثيين منذ سنوات، لكنهم رفضوا ذلك، واستولوا على المبالغ التي جُمعَت في مرحلة سابقة".
وذكر أن هناك مناورات حوثية تهدف إلى إبقاء ميناء الحديدة، بعيدًا عن أي تسويات أو مفاوضات اقتصادية، في وقت يحاولون فيه تعطيل موانئ الحكومة الشرعية، ويمنعون ولوج أي بضائع للتجار لم تستورد عبر ميناء الحديدة.
وأضاف أن "هذه الإجراءات تؤكد على عدم جدّية الحوثيين في أي تسوية أو أي عملية سياسية، بل إنها تعدّ لمعركة عسكرية فاصلة ضد القوات الحكومية، والموارد الاقتصادية هي أهم أسلحتها في تمويل حربها القادمة".
وأكد الداعري، أن تصرفات الحوثيين، تضع المزيد من القيود الاقتصادية على الحكومة الشرعية، وتقود البلد نحو التدهور والانهيار، وإلى تعطيل اقتصادي جديد، يعقّد طريق الوصول إلى ترتيبات لاستئناف أي عملية سياسية.
تغيير الخريطة
ومن جهته، يعتقد الباحث الاقتصادي، وفيق صالح، أن العراقيل التي تعترض الأنشطة التجارية، "هي امتداد للحرب التي تشنها الميليشيا ضد القطاع التجاري في مناطق الحكومة".
وبين أن "الحوثيين يحاولون إكراه التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة، ومن ثم دفع الضرائب الجمركية والضريبية لهم".
وقال صالح لـ"إرم نيوز"، إن "من بين جملة الأهداف الحوثية، هو تغيير الخريطة التجارية في البلاد، عبر إزاحة رؤوس الأموال التجارية الوطنية السابقة، وإنشاء طبقة طفيلية جديدة من التجار المنتمين إلى الحوثيين".
وأعرب عن "استغرابه من عدم تحرك الحكومة الشرعية في المقابل، وعدم قيامها بأي خطوات تعمل على إيقاف ممارسات الحوثيين التدميرية ضد القطاع التجاري وبما يحمي حركة التجارة الداخلية".