نبرة انزعاج أم إشارة للمليشيات بشن هجوم على إسرائيل؟ تساؤل أثير بعد خطاب جديد أطل به زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، تعهد فيه بالتصعيد المفتوح في البر والبحر.
وفي خطابه المرئي الذي اعتاد بثه كل يوم خميس منذ بدء مليشياته هجمات بحرية على الناقلات التجارية أو باتجاه إسرائيل بدعوى «مناصرة الفلسطينيين»، أظهر الحوثي تغيرًا واضحًا في نبرة حديثه، في وضع بدا على أنه «توجيهات عملية لقياداته لتنفيذها على أرض الواقع»، بحسب مراقبين.
فماذا قال؟
أعاد زعيم المليشيات المصنف على قوائم الإرهاب العالمية إحياء مفهوم «التكفيريين»، وهو لفظ تطلقه الجماعة على مناهضيها السياسيين في الحكومة المعترف بها دوليا وحلفائها.
تكفير وتصعيد وتجاهل الحوثي الإشارة لـ«التكفيريين» منذ انخرطت جماعته في هجمات بحرية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ اتهمهم بحرف «بوصلة العداء» و«إثارة الفتن الداخلية لخدمة العدو»، وهي لغة تعني الشرعية والموجودين في مناطق سيطرته من مناهضيه.
كما يكشف تكرار زعيم المليشيات لهذه المفاهيم، انزعاج الجماعة الحوثية الشديد من الترتيبات داخل الحكومة اليمنية والتحالف أو حتى الترتيبات في مناطق الانقلاب لجناح المؤتمر في صنعاء، تزامنا مع حراك مجتمعي لإحياء مناسبة عيد «الثورة» المقرر في 26 سبتمبر/أيلول التي انطلقت عام 1962، وأرست النظام الجمهوري.
وإزاء ذلك، تعهد عبدالملك الحوثي بما سمّها «مفاجآت في البر» على غرر «البحر» وهو توجيه لقياداته للتصعيد العسكري في الجبهات الداخلية، إذ إن المعروف أنه لا جبهات برية للحوثيين مع إسرائيل، وأن ذلك يخص نبرة «انزعاجه الكبيرة» من أي ترتيبات للشرعية وحلفائها.
كما أعقب حديثه بالتأكيد مجددا على «قدوم الرد» على إسرائيل لكنه قال إن ذلك سوف يترافق مع «مسار آخر مستمر»؛ إذ لا يستبعد مراقبين أن تصعد المليشيات في الجبهات الداخلية بزعم «خدمة مناهضيها لأمريكا وإسرائيل».
تفعيل ورقة القاعدة
وفي إشارة عتب غير مباشرة للتنظيمات الإرهابية وبالأخص تنظيم القاعدة، أداة الحوثي في جنوب اليمن، بعث زعيم الجماعة أشبه بتوجيه ضمني لهذه التنظيم للتحرك والعمل كورقة ضغط في تنشيط «الهجمات الانتحارية» الفتاكة ضد قوات الشرعية وحلفائها.
وتساءل زعيم المليشيات في رسالته للقاعدة، قائلا: «أين هو الاستشهاد وأين هم الانتحاريون لينتحروا؟»، وهي دعوة صريحة للتنظيمات على مزيد من العمليات الانتحارية ضد خصومه أو ضد اسرائيل، كما يقول مراقبون.
وعلى مستوى الجبهة البحرية، تعهد زعيم مليشيات الحوثي باستمرار شن الهجمات على الناقلات التجارية بـ«سقف مفتوح»، وبتقنيات جديدة غير مسبوقة.
وطالب دول الجوار بفتح حدودها لتدفق مقاتليه للوصول إلى فلسطين لمشاركة حماس في الحرب على إسرائيل، وهي مضامين سبق وكررها كثيرا بداية خطاباته منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتبرير فشل ومحدودية تأثير أسلحته وهجماته باتجاه إسرائيل.
وفي سياق منفصل، وجه الحوثي مليشياته بـ«الجبايات المالية» غير «الإجبارية» لإقامة فعاليات المولد النبوي، وهي مؤشر على ضائقة مالية تعاني منها الجماعة لتغطية النفقات الكبيرة للعروض والأنشطة الطائفية.
وهذه المرة الأولى التي يشير فيها زعيم المليشيات صراحة لمسمى «الجبايات»، في إشارة لنظام «الإتاوات» غير القانونية التي تقره الجماعة وأنهكت بسببه التجار والسكان وحتى الموظفين المنقطعة مرتباتهم منذ 2016.
وتعكس هذه الإشارة، وفق مراقبين أولويات الجماعة لتمويل هذه المناسبات التي صبغتها سياسيا وتقيمها بمليارات الريالات، رغم حاجة آلاف المنكوبين لإغاثة ومساعدات عاجلة لتخفيف وطأة الفيضانات الكارثية الأخيرة.
يشار إلى أن نبرة التصعيد لدى زعيم جماعة الحوثي تأتي عقب تعيين إيران مندوبا جديدا لدى المليشيات بغطاء «سفير» والتي أقامت له الجماعة مؤخرا استقبالا خاصا على السجاد الأحمر، في صنعاء، بالإضافة إلى عزف عسكري، بعد أسابيع من تشكيلها منظومة انقلابية جديدة لإدارة الشأن العام باسم «حكومة التغيير والبناء».
العين الاخبارية