* بعد عقد من الحرب.. اليمن من منافسة على السلطة إلى صراع إقليمي بالوكالة * إيران صنعت من جماعة متمردة قوة تتحمل الضغط العسكري لفترات طويلة
قال تحليل نشره أمس المركز العربي في واشنطن إن ما بدأ في اليمن "كصراع داخلي على السلطة تطور إلى شبكة معقدة من المنافسات الإقليمية والحروب بالوكالة"؛ وهو ما جعل من اليمن بلدًا مجزأ ومتورطا في صراع طويل الأمد يتميز بهدنات هشة وتوترات متصاعدة وأزمة إنسانية متفاقمة.
وتحدث التحليل الذي كتبته الباحثة أفراح ناصر، عن الأطراف الرئيسية للصراع في اليمن، قائلًا "لقد دعمت المملكة العربية السعودية حكومة هادي المعترف بها دوليا، في حين بدأت الإمارات العربية المتحدة، التي تعد اسميًا جزءًا من التحالف الذي تقوده السعودية، في ملاحقة مصالحها الاستراتيجية من خلال دعم الجنوبيين والسيطرة على البنية، وفي الوقت نفسه، ارتفعت همسات يد إيران في الصراع. لقد خدم دعم طهران للحوثيين - من خلال الأسلحة والتدريب والدعم السياسي - هدفها المتمثل في توسيع نفوذها الإقليمي وتحدي الهيمنة السعودية. لقد أدى الرقص المعقد لهذه القوى المتنافسة إلى تفاقم الصراع وتعميق الانقسامات الداخلية، وتحويل اليمن إلى ساحة معركة لمنافسات جيوسياسية أوسع نطاقا".
وأضافت الكاتبة "في ظل عدم وجود حل واضح في الأفق، تظل احتمالات اليمن الموحد ضئيلة. مع استمرار التشرذم الداخلي والتنافس على الطموحات الإقليمية، أصبح حلم السلام الدائم بعيد المنال. إن الصراع المستمر منذ عقد من الزمان هو مأساة مشتركة حيث أعطت جميع الأطراف - الفصائل المحلية والقوى الإقليمية على حد سواء - الأولوية للهيمنة السياسية على السلام، مما أدى إلى إدامة العنف الذي لا ينتهي والذي تسبب في معاناة إنسانية هائلة".
وتابعت "تحولت الإمارات العربية المتحدة، التي كانت في البداية لاعبًا رئيسيًا في التحالف، لإعطاء الأولوية للمصالح الاستراتيجية في جنوب اليمن، وهي منطقة غنية بالموارد ومليئة بالموانئ الاستراتيجية. وإدراكًا للقيمة الاقتصادية والجيوسياسية لهذه المناطق، مددت الإمارات العربية المتحدة دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي، وهي مجموعة تسعى بشدة - بسبب المظالم التاريخية - إلى استقلال جنوب اليمن، الذي كان دولة مستقلة قبل الوحدة في عام 1990.. وقد تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي، بدعم من الإمارات العربية المتحدة، من السيطرة بسرعة على أراضٍ ومصادر دخل مهمة، بما في ذلك الموانئ الرئيسية، مثل عدن وميون، والتي كانت بمثابة شرايين حياة للتجارة الدولية والطرق البحرية. وكان صعود المجلس الانتقالي الجنوبي سريعًا، حيث أسس معقلًا يتحدى الحكومة الشرعية بشكل مباشر. كما دعمت الإمارات العربية المتحدة أعضاء محددين في الحكومة".
وعن سلطات الأمر الواقع في صنعاء قال التحليل "وجد الحوثيون حليفًا وثيقًا في إيران، التي عززت دعمها العسكري للجماعة منذ عام 2014. قدمت إيران أسلحة متقدمة وتدريبًا وتوجيهًا استراتيجيًا، مما عزز بشكل كبير إمكانات الحوثيين وقدرتهم على الصمود. وحول دعم إيران الحوثيين من جماعة متمردة إقليمية إلى قوة هائلة قادرة على تحمل الضغط العسكري لفترات طويلة. وعلى الرغم من مواجهة العديد من النكسات في ساحة المعركة، فإن ترسانة الحوثيين المعززة وبراعتهم التكتيكية سمحت لهم بالصمود في وجه الهجمات التي ربما كانت لتكسر مجموعة أقل تجهيزا.. وبشكل جماعي، ساعدت هذه الديناميكيات الإقليمية في تشكيل الحرب، حيث سعى كل طرف إلى تحقيق أجندته الخاصة - وإطالة أمد الصراع ومعاناة الشعب اليمني".
وخلص التحليل إلى جملة من التوصيات أوجزها بالقول "إن الطريق إلى السلام يتطلب أكثر من مجرد وقف إطلاق النار - فهو يتطلب استراتيجية تعالج الأبعاد السياسية والإنسانية للأزمة. يجب على المجتمع الدولي أن يجتمع بهدف موحد، ويضغط على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران لإنهاء دعمها للفصائل المتنافسة.
وإذا كان هناك أي أمل في الاستقرار، فيجب حث هذه القوى على التراجع عن مصالحها الضيقة. للمضي قدمًا.
يجب على المجتمع الدولي أن يدفع باتجاه استراتيجية متماسكة تعيد تركيز الجهود على استقرار اليمن ككل، وليس تفتيته أكثر. لكن الوحدة على الجبهة الدولية ليست كافية: يجب على الفصائل اليمنية نفسها أن تجلس إلى الطاولة.
يحتاج الحوثيون والمجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي وغيرهم إلى الانخراط في حوار شامل، لا يقتصر على توزيع السلطة بين القادة بل يعالج المظالم الأساسية التي تدفع الحرب. فقط من خلال تعزيز الإجماع يمكن أن تظهر خريطة طريق قابلة للتطبيق لمستقبل اليمن - تعكس تطلعات جميع شعبه، وليس فقط أولئك في السلطة".