أكد تحليل امريكي حديث بان القرارات الأخيرة التي صدرت عن البنك المركزي في عدن وتراجعت عنها الشرعية ، كان لها تأثير على جماعة الحوثي اكبر من تأثير العقوبات التي فرضتها واشنطن على الجماعة.
ونشتر مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية تحليلاً مطولاً للباحث أليسون ماينور، حول الإجراءات والطريقة التي تعاملت بها الإدارة الأمريكية ، خلال الأشهر الماضية لردع مليشيات الحوثي الإرهابية عن تهديد طرق الملاحة الدولية ووقف هجماتها على السفن.
التحليل يؤكد على أهمية الدور السعودي في ملف اليمن ، حيث يرى بإن الضغوط السياسية والاقتصادية من جانب المملكة العربية السعودية قد تنجح في كبح جماح الجماعة بشكل أكثر فعالية من العمل العسكري الأميركي.
حيث يدعو التحليل الى الاستفادة من أعظم نقاط ضعف الحوثيين وهو الجانب الاقتصادي ، مشيراً بانه يتعين على السعودية وشركائها الاستفادة من ذلك في "إقناع الجماعة بأن معالجة مشاكلها المالية وحماية مصالحها داخل اليمن تتطلب كبح جماح عدوانها".
تحليل المجلة الأمريكية أشار الى أن الولايات المتحدة وشركاؤها قد استخدموا ثلاث أدوات رداً على هجمات الحوثيين ، هي العقوبات الاقتصادية؛ والضربات الجوية ضد مواقع الصواريخ والطائرات بدون طيار الحوثية، وحملة بحرية للدفاع عن السفن في البحر الأحمر.
الا أنه يؤكد صعوبة الدفاع عن السفن ضد كل هجوم بطائرة بدون طيار وصاروخ وقارب صغير عبر مئات الأميال في البحر الأحمر وخليج عدن، حتى في ظل القدرات العسكرية الهائلة التي تتمتع بها الولايات المتحدة ، ويعلق بالقول: إذ يمكن للحوثيين أن يفشلوا في 90% من الوقت ومع ذلك ينجحون.
وفيما يتعلق بالضربات الجوية ، يقول التحليل بان الجماعة الحوثي لا تمانع في تحملها ، حتى عندما تنجح الضربات على أهداف الحوثيين، فإن الشرعية السياسية التي تكتسبها الجماعة من خلال الظهور وكأنها ضحية للقصف الأميركي والإسرائيلي، وهو ما يمكنها من تعوض عن أي خسارة في القدرات العسكرية.
في حين تقلل المجلة الأمريكية من أن تؤدي العقوبات الأميركية إلى تغيير مجرى الأمور، بالنظر الى طبيعة سلطة الجماعة الحوثية في اليمن على عكس الحال مع إيران ، حيث تعتمد الجماعة على الضرائب والجبايات التي تفرضها في مناطق سيطرتها ، وعلى عائدات الشركات المملوكة للدولة، مثل قطاع الاتصالات ؛ وصولاً الى الاتجار بالمخدرات.
كما يشير التحليل الى اعتماد الجماعة الحوثية مؤخراً على الوقود المجاني الذي تحصل عليه من إيران ، والذي يتم إخفاؤه من خلال سجلات الشحن المزيفة وشركات الواجهة المعقدة، مما يزيد من صعوبة تأثير العقوبات الامريكية.
يؤكد التحليل أن الوضع الاقتصادي للحوثيين، وليس وضعهم العسكري، هو أعظم نقاط ضعفهم ، حيث تقع حقول النفط والغاز خارج سيطرتهم رغم انهم أمضوا سنوات في محاولة السيطرة عليها ، ويتفاقم الضعف الاقتصادي الذي يعاني منه الحوثيون يتفاقم بسبب افتقارهم إلى الشرعية الدولية الرسمية.
وهنا يقول تحليل المجلة الأمريكية ، بان هذا الضعف الاقتصادي أصبح واضحا خلال الصيف الماضي ، عندما بدأت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في استخدام سلطتها لايقاف البنوك التجارية في شمال اليمن عن النظام المالي الدولي، وهي الخطوة التي كان من الممكن أن تعرض الواردات والتحويلات المالية التي تشكل أهمية بالغة للاقتصاد في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون للخطر.
ويؤكد التحليل بأن تأثير اجراءات الحكومة اليمنية كانت أعظم كثيرا من تأثير العقوبات الأميركية القائمة، وأن الحوثيين لم يتمكن من إحباط هذا الإجراءات إلا بعد أن هددوا بشن هجمات على المملكة العربية السعودية، التي ضغطت على الحكومة اليمنية لسحب قرارها.
وفي حين يستبعد التحليل اقتناع الحوثيين بالموافقة على شروط جديدة لعملية السلام ومنها وقف الهجمات البحرية في ضوء موقف التصعيد الحالي ، الا أنه يشير الى اغراءهم بتحقيق نوع من "التعافي الاقتصادي" لسلطتهم ، محذراً بالوقت ذاته من ان تسمح عملية السلام باستمرار تحكم الحوثيين بالملاحة في البحر الأحمر متى شاءوا ، معتبراً ذلك بأنه "سوف يحكم على اليمن بالموت الاقتصادي البطيء".