يعاني أهالي مديرية خور مكسر في العاصمة عدن من أزمة خانقة في الحصول على المياه هذه الأزمة تفاقمت إلى حد أن العديد من المواطنين باتوا يضطرون للذهاب إلى المساجد لجلب المياه، حيث أصبحت المساجد الملاذ الأخير الذي يلجأ إليه الأهالي لتأمين احتياجاتهم الأساسية من المياه, في ظل غياب أي حلول قريبة لهذه الأزمة، تتزايد المعاناة يومًا بعد يوم.
المعاناة اليومية
يشكو أهالي خور مكسر من استمرار انقطاع المياه لفترات طويلة، حيث لم تعد شبكات المياه التي كانت تخدمهم سابقًا قادرة على تلبية احتياجاتهم اليومية وأصبحت المياه تصل إلى المنازل بشكل متقطع، وفي أحسن الأحوال تصل لفترة قصيرة لا تكفي لاحتياجات السكان، مما أجبر الكثير منهم على البحث عن حلول بديلة.
يتحدث محمد عبد النبي، طالب في كلية الإعلام ويسكن في حي السعادة بخور مكسر، عن حجم المعاناة التي يعاني منها الأهالي قائلاً: "الأوضاع تزداد سوءًا يومًا بعد يوم لم نعد نجد مياهًا صالحة للشرب، وحتى المياه التي نلجأ إلى جلبها من المساجد لا تكفي لتلبية احتياجاتنا اليومية لجأ العديد من السكان إلى حفر آبار في منازلهم، لكن هذه الحلول مكلفة ولا يستطيع الجميع تحملها، بالإضافة إلى أن مياه هذه الآبار غالبًا ما تكون مالحة وغير صالحة للاستخدام الآدمي".
حلول مكلفة وغير مستدامة
مع تزايد الأزمة، اضطر العديد من السكان إلى اللجوء لحفر آبار في منازلهم بتكاليف مرتفعة، وصلت في بعض الأحيان إلى مبالغ طائلة ومع ذلك، تبقى هذه المياه غير صالحة للاستهلاك بسبب ملوحتها العالية، مما يزيد من تعقيد الوضع إذ لا يمكن استخدام هذه المياه إلا في أغراض التنظيف، بينما تبقى المياه الصالحة للشرب نادرة جدًا.
المواطنون يعيشون في حالة من القلق الدائم، حيث تتعطل حياتهم اليومية بسبب انعدام المياه عائلات كثيرة لا تجد مفرًا سوى شراء المياه بأسعار باهظة من صهاريج متنقلة، وهو ما يزيد من الأعباء الاقتصادية على الأسر التي تعاني أصلاً من آثار الحرب وانهيار البنية التحتية.
غياب الحلول من السلطات المحلية
في الوقت الذي تتزايد فيه معاناة المواطنين، تظل السلطات المحلية عاجزة عن تقديم حلول جذرية لأزمة المياه ويعبر الأهالي عن استيائهم من عدم وجود أي تحرك ملموس من قبل الحكومة لمعالجة هذه المشكلة، حيث لا توجد أي خطط واضحة لتحسين إمدادات المياه أو استبدال الشبكات القديمة التي أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات السكان المتزايدة.
تشير التقارير إلى أن قدرة الحقول المائية الثلاثة التي تزود عدن بالمياه أصبحت محدودة جدًا بسبب قدم الآبار وانخفاض منسوب المياه الجوفية، مما يجعل من الصعب الاعتماد عليها لتغطية احتياجات المدينة المتزايدة ويعاني سكان عدن، وخاصة في الصيف، من تفاقم الأزمة، حيث يزداد استهلاك المياه مع ارتفاع درجات الحرارة.
دور المساجد كمصدر بديل للمياه
في ظل هذه الأزمة الخانقة، أصبحت المساجد تلعب دورًا أساسيًا في توفير المياه للأهالي يتوافد المواطنون يوميًا إلى المساجد لجلب المياه من الخزانات المتاحة هناك، لكنها تبقى حلولًا مؤقتة وغير كافية وتظل هذه المساجد مكتظة بالمواطنين الذين يسعون للحصول على كميات قليلة من المياه لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
يشير محمد عبد النبي إلى أن "المساجد هي آخر ملاذ لنا نذهب يوميًا لجلب الماء منها، لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر طويلًا نحن بحاجة إلى حل دائم ومستدام".
ويعبر عبد النبي عن أمله في أن يتم التوصل إلى حل لهذه الأزمة قريبًا، محذرًا من أن الأوضاع قد تتفاقم أكثر إذا لم تتحرك السلطات المحلية لإيجاد حلول عملية.
حفر الآبار: حل مكلف وغير آمن
لجأ العديد من السكان إلى حفر آبار في منازلهم كمحاولة يائسة لتأمين مياه بديلة، لكن هذه الآبار ليست دائمًا آمنة يشير عبد النبي إلى أن "المياه التي نحصل عليها من الآبار غالبًا ما تكون مالحة وغير صالحة للشرب ونحن ننفق مبالغ كبيرة لحفر هذه الآبار، لكن بدون جدوى، فالمياه غير صالحة للاستخدام الآدمي".
هذا الأمر يجعل السكان بين خيارين: إما الاستمرار في الاعتماد على مياه المساجد والمياه المشتراة من الصهاريج بأسعار مرتفعة، أو المخاطرة باستخدام مياه الآبار المالحة التي قد تسبب مشاكل صحية.
دور الحكومة وآمال الحلول المستقبلية
في ظل غياب الحلول العاجلة، هناك أمل ضئيل في أن تتمكن السلطات المحلية من معالجة هذه الأزمة في المستقبل القريب.
تشير التقارير إلى أن الحكومة تسعى لتنفيذ مشروع تحلية مياه البحر في عدن بقدرة إنتاجية تصل إلى 10 آلاف متر مكعب يوميًا، بتمويل من المملكة العربية السعودية لكن حتى هذا المشروع يبقى قيد الدراسة ولم يتم تنفيذه بعد، ما يجعل السكان ينتظرون بصبر حلًا قد يتأخر.
في النهاية، تبقى أزمة المياه في خور مكسر وعدن بشكل عام مثالًا صارخًا على حجم المعاناة التي يعيشها المواطنون في ظل الحرب والانهيار الاقتصادي ومع غياب الحلول العاجلة، تستمر معاناة السكان يومًا بعد يوم، مما يجعل من أزمة المياه تحديًا حقيقيًا يهدد الحياة اليومية لأهالي عدن.