تصاعدت الحرب الكلامية، الخميس، بين روسيا وأوكرانيا قبيل مباحثات سلام مرتقبة بينهما في إسطنبول، إذ اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الوفد الذي أرسلته موسكو "صوري"، فردت عليه الأخيرة بوصفه بـ"المهرّج" والزعيم "المثير للشفقة".
وفي حين شدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على أن لا شيء سيحصل على صعيد التوصل إلى تسوية للحرب قبل أن يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أكدت تركيا وجود ما يكفي من الأسباب لـ"الأمل" بشأن مباحثات السلام الأولى المباشرة بين الطرفين منذ ربيع 2022.
وما زالت ترتيبات هذا اللقاء غير واضحة، في حين يواصل الجيش الروسي السيطرة على مزيد من الأراضي الأوكرانية، التي تبقى مهمّة على صغرها.
وقال ترامب الخميس للصحافيين أثناء توجهه من قطر إلى الإمارات "لا أعتقد أن أي شيء سيحدث، أعجبكم الأمر أم لا، حتى نلتقي أنا وهو"، أي بوتين.
وكان الرئيس الروسي دعا بنفسه إلى إجراء مباحثات مباشرة مع كييف في إسطنبول في 15 أيار/مايو. وبينما دعاه زيلينسكي إلى الحضور "شخصيا"، أرسلت موسكو وفدا برئاسة المستشار الرئاسي فلاديمير ميدينسكي، ومعه نائب وزير الخارجية ونائب وزير الدفاع.
وميدينسكي المولود في أوكرانيا في عهد الاتحاد السوفيتي ووزير الثقافة سابقا، معروف بنزعته القومية المتشدّدة وله مؤلفات بشأن التاريخ الروسي شكّك في دقّتها الكثير من المؤرّخين بسبب تحريفها الوقائع. وسبق له أن شارك في أول جولة مفاوضات مباشرة بين الطرفين في ربيع العام 2022 التي لم تفض إلى نتيجة، وذلك بعيد اندلاع الحرب في شباط/فبراير من العام ذاته.
وفي 2023، أعلن ميدينسكي أن أوكرانيا "جزء من الأرض الروسية".
وبادر زيلينسكي فور وصوله إلى أنقرة إلى انتقاد تشكيلة الوفد الروسي المفاوض، واصفا إيّاه بـ"الصوري" ومشكّكا في قدرته على "اتّخاذ قرارات".
وهو قال إنه سيفكّر بالخطوات المقبلة بعد لقائه الرئيس التركي في أنقرة.
وسرعان ما ردّت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على زيلينسكي بالقول "من يستخدم توصيف "صوري": "مهرج.. فاشل.. شخص بلا أي عِلم".
كما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرور الرئيس الأوكراني بـ"المثير للشفقة" لتوقعه حضور بوتين للقائه.
شكوك
وأثارت هذه الانتقادات اللفظية اللاذعة شكوكا قبيل لقاء يفترض أن يطلق عجلة مسار دبلوماسي للتوصّل إلى تسوية للغزو الروسي لأوكرانيا الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين وألحق دمارا واسعا.
ووصل الوفد الروسي صباح الخميس إلى إسطنبول. وأكد الكرملين أن بوتين لا يعتزم السفر إلى المدينة التركية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف "كلا، لا خطط كهذه في الوقت الراهن"، ممتنعا عن الإجابة على سؤال لوكالة فرانس برس عن سبب رفض بوتين الذهاب وما إذا سيقوم بذلك في حال عقدت جولة تفاوض أخرى.
وكانت زاخاروفا أشارت إلى أن المحادثات "أرجئت إلى النصف الثاني من اليوم" بطلب من تركيا.
وفي أنقرة، قال زيلينسكي إن الوفد الأوكراني هو "على أعلى المستويات" ويضمّ خصوصا ممثّلين عن وزارة الخارجية والجيش والاستخبارات.
ترقّب
ومنذ ساعات الصباح الأولى، ينتظر مئات الصحافيين أمام قصر دولما بهجة على ضفاف البوسفور حيث من المفترض أن يعقد اللقاء، وحيث أقيمت حواجز أمنية، بحسب مراسلي فرانس برس.
وكان بوتين دعا إلى هذه المباحثات في نهاية الأسبوع الماضي، بعدما وجّهت إليه كييف وحلفاؤها الأوروبيون إنذارا بقبول وقف لإطلاق النار كشرط مسبق لأيّ مفاوضات، محذرين من عقوبات إضافية على موسكو بالتنسيق مع واشنطن.
وكان ترامب الذي يدفع منذ أشهر البلدين للتفاوض، تحدث الأربعاء عن "احتمال" توجهه إلى تركيا "الجمعة" في حال إحراز تقدّم في المفاوضات.
وشدّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من جهته على أن ترامب "منفتح" على "أيّ آلية" من شأنها أن تعيد السلام إلى المنطقة.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أنه "تفاديا للوقوع مرّة أخرى في الفخاخ" التي أدّت إلى فشل المفاوضات الأولى في 2022، يجب تحقيق "وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار".
وأكّد فلاديمير ميدينسكي أن روسيا تسعى إلى "سلام طويل الأمد".
وقال مسؤول أوكراني لفرانس برس إن المباحثات لا تزال ممكنة الخميس، مشيرا إلى أن احتمال عقدها "واقعي".
وأوضح أنه إذا قرر زيلينسكي ذلك "فسيكون الوفد حاضرا".
وأشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى وجود "ما يكفي من الأسباب للأمل" في نجاح محادثات السلام.
غير أن البلدين ما زالا متمسّكين بمطالب يصعب التوفيق بينها.
فروسيا تتمسّك بمطالبة أوكرانيا عدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتصر على الاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي ضمتها، فيما تعتبر كييف مدعومة من حلفائها، هذه الشروط غير مقبولة.
في المقابل، تريد أوكرانيا "ضمانات أمنية" غربية متينة لتجنب أي هجوم روسي جديد وأن ينسحب الجيش الروسي الذي يسيطر على حوالي 20% من مساحة البلاد، كليا من أراضيها.