تحذيرات متزايدة تجاه إسرائيل.. هل أيقظ أطفال غزة ضمير العالم؟

محليات
قبل 7 ساعات I الأخبار I محليات

في تطور لافت للنبرة الغربية إزاء الحرب الدائرة في قطاع غزة، أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا بياناً ثلاثياً يطالب إسرائيل بـ"السماح الفوري والآمن بإدخال المساعدات الإنسانية"، مشددين على أن "الأطفال في غزة يعانون من كارثة إنسانية مروّعة".

 

البيان الذي صدر يوم الجمعة الماضي اعتبر أن الوضع في غزة لم يعد يحتمل التأخير، وأن المدنيين، وخاصة الأطفال، يدفعون الثمن الأكبر".

هذا الإعلان الثلاثي جاء في أعقاب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية، بينها اليونيسف، أكدت أن أكثر من 60 في المائة من سكان غزة المتضررين من الحرب هم من الأطفال والنساء، وأن المجاعة ونقص الدواء يهددان حياة آلاف الأطفال يومياً.

 

بالتزامن مع الإعلان ذاته، رحبت رابطة العالم الإسلامي بالبيان الثلاثي المشترك الصادر عن بريطانيا - فرنسا -كندا، بشأن الوضع في غزّة والضفّة الغربية، والتلويح باتخاذ إجراءات ملموسة، وفرض عقوبات موجّهة، إذا لم توقف حكومة الاحتلال الإسرائيلي عملياتها العسكرية الجديدة وبناء المستوطنات، وترفع القيود عن إدخال المساعدات الإنسانية.

 

 

وفي بيان للأمانة العامة للرابطة نوّه الأمين العام، رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور محمد العيسى، بهذا الموقف "الأخلاقي والمسؤول الذي يُعدُّ خطوةً مهمّةً وعادلةً إنصافاً للشعب الفلسطيني الذي طالت معاناته تحت آلة القتل والتدمير لحكومة الاحتلال الاسرائيلي، داعياً في الوقت ذاته المجتمع الدولي كافة إلى تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وتكثيف الضغوط لوقف هذه الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها، وإلزام حكومة الاحتلال بالامتثال الفوري لقرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولي الإنساني".

 

 

وأظهرت عواصم أوروبية حراكاً مناوئاً لتصعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حربه ضد غزة، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أمس، إن اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ستخضع للمراجعة في ظل الوضع "الكارثي" في قطاع غزة، والاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأول لإسرائيل، وبلغت المبادلات التجارية بين الطرفين 42.6 مليار يورو عام 2024.

وعلّقت لندن مفاوضات التجارة الحرة مع تل أبيب، واستدعت السفيرة الإسرائيلية رداً على "تكثيف إسرائيل غاراتها وتوسيع عملياتها العسكرية" في القطاع الفلسطيني.

 

وفي واشنطن، قالت مصادر لقناتي "العربية" و"الحدث" أمس، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خيّر إسرائيل بين إنهاء الحرب في غزة أو التخلي عنها. وأضافت أن الضغط الأميركي لإبرام صفقة في غزة جاء بعد ضغط خليجي غير مسبوق، وأن الضغط الأميركي الأخير كبير وواضح، وإسرائيل تسعى لإبرام صفقة قد تكون الأخيرة.

فيما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مصدر مطلع لم تسمه بوقت سابق، أن مساعدي ترامب نقلوا رسالة إلى إسرائيل مفادها: "سنتخلى عنكم إن لم توقفوا الحرب في غزة".

 

 

السعودية.. موقف إنساني ثابت ومبادرة سياسية متقدمة

في خضم هذه التحولات في المواقف الغربية، برز الموقف السعودي بثباته ووضوحه منذ الأيام الأولى للأزمة، فقد كانت السعودية من أوائل الدول التي نددت باستهداف المدنيين، وطالبت بحماية الأطفال، واحترام القانون الدولي الإنساني.

 

وأكدت الخارجية السعودية في جميع بياناتها منذ اندلاع الحرب، أنها تدين بأشد العبارات مواصلة القوات الإسرائيلية استهداف الأحياء المدنية في قطاع غزة، وتدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، والتحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات المتكررة. وفي الجانب الإغاثي، نفذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، عشرات القوافل التي دخلت القطاع عبر مصر، محمّلة بمستلزمات طبية وغذائية ومساعدات خاصة بالأطفال، في وقت وصفت فيه الأمم المتحدة الوضع الصحي في غزة بأنه "كارثي وغير مستدام".

 

يقول عبد الرحمن المهلكي القانوني والمحلل السياسي السعودي "المفارقة أن الرياض التي سبق أن صنّفت "حماس" منظمة إرهابية قبل اندلاع الأزمة الحالية، هي ذاتها التي اختارت أن تنحاز إلى الحق الإنساني غير القابل للتسييس، في تأكيد على قدرتها على الفصل بين محاربة التطرف، والدفاع عن حقوق المدنيين الأبرياء".

 

تحالف حل الدولتين.. مقاربة لأمن دائم

ويضيف المهلكي أنه على المستوى السياسي، لم تكتفِ السعودية بمواقف الإدانة والتحركات الإغاثية، بل طرحت مبادرة متقدمة في وقت حرج دعت السعودية إلى إنشاء تحالف دولي لدعم تنفيذ حل الدولتين، مؤكدة أن "السلام لا يمكن أن يتحقق دون الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".

 

وأكد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، في ذلك الوقت، أن "تحقيق الأمن الدائم في الشرق الأوسط يمر عبر معالجة جذور الصراع وليس عبر إدارة نتائجه"، داعياً الدول المؤثرة إلى تبني حل شامل لا يستثني الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وفي الاجتماع الخامس للتحالف الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين، الذي عقد في المغرب قبل يومين، شدد الاجتماع على أن حل الدولتين ليس هدفا سياسيا فحسب، بل هو ضرورة إنسانية والتزام قانوني يستند إلى القانون الدولي.

 

دور السعودية.. بين الثوابت والمبادرة

وهنا يقول المهلكي إنه من اللافت في الموقف السعودي أنه لم يخضع لتقلبات الخطاب الإعلامي، ولا لحسابات الاستقطاب السياسي بين المعسكرات الدولية، بل اتسم بثلاث سمات واضحة هي "الإنسانية، والاتزان، والتحرك الفعلي".

 

وبينما يشهد العالم صراعاً في الروايات وتبايناً في المواقف، نجحت الرياض في تقديم نموذج متوازن يجمع بين رفض التطرف بكافة أشكاله، والدفاع عن الضحايا المدنيين، والمساهمة الفاعلة في صناعة مسار سياسي بديل يقوم على الشرعية الدولية وحل الدولتين.

ويضيف المهلكي "في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على حكومة نتنياهو من العواصم الغربية، يبقى السؤال الجوهري: هل سيتحول الغضب الإنساني إلى إرادة دولية فاعلة؟ وزاد أن التحرك السعودي لتنظيم مؤتمر مشترك مع فرنسا في يونيو المقبل لإحياء جهود السلام، والوصول إلى حل الدولتين يؤكد على الثبات السعودي وطرح المبادرة تلو المبادرة للوصول إلى سلام واستقرار في المنطقة.

يذكر أن اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن غزة برئاسة السعودية، رحبت أيضاً بالبيان المشترك الصادر عن بريطانيا وفرنسا وكندا، بشأن الوضع في غزة والضفة الغربية، والدعوة إلى إنهاء الحرب، والسماح الفوري بوصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

 

‎طبقاً للبيان، "تتفق اللجنة مع الموقف الرافض الذي عبّر عنه القادة الثلاثة بشأن العمليات العسكرية والاعتداء الشامل والمستمر على السكان المدنيين الفلسطينيين في غزة، كما تعرب عن بالغ قلقها إزاء استمرار الحصار الاسرائيلي وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وتدعو إلى تدفق فوري ومستدام وواسع النطاق للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى جميع المحتاجين في غزة، فقد دفع الحرمان المتعمد من الإمدادات الحيوية، واستخدام المساعدات الإنسانية كسلاح، بالسكان إلى حافة المجاعة".