ما بين شهري يوليو (تموز ) ونوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1916، عاش العالم على وقع واحدة من أكثر المعارك دموية بالحرب العالمية الأولى، فبتلك الفترة، واجه البريطانيون والفرنسيون الألمان ضمن معركة السوم (Somme) التي شهدت مقتل وإصابة وفقدان أكثر من مليون عسكري من كلا الطرفين.
إلى ذلك، شهدت هذه المعركة حدثا فريدا من نوعه غيّر طريقة خوض الحروب. فبهذه المعركة، استخدمت الدبابة لأول مرة بالتاريخ العسكري من قبل البريطانيين الذين عملوا بشكل سري على مدار سنوات من أجل تطوير هذا النوع من الأسلحة.
سباق تسلح
بمعركة فليرز كورسيلات (Flers-Courcelette)، ضمن معركة السوم، يوم 15 أيلول (سبتمبر) 1916، استخدم البريطانيون لأول مرة بالتاريخ الدبابات.
وبهذه المعركة، أقحم البريطانيون عددا من دبابات مارك 1 (Mark I) بهدف حسم المعركة واجتياز الخنادق الألمانية بأمان. وعلى الرغم من نجاحها في ضرب معنويات الجنود الألمان وإخافتهم، فشلت دبابات مارك 1 في تحقيق نجاح بارز بالمعركة حيث كان تأثيرها على أرض الواقع محدودا.
إلى ذلك، أطلق دخول الدبابات الخدمة لأول مرة، سباق تسلح جديدا بالحرب حيث اتجه الجميع حينها للبحث عن نموذج دبابة مثالي قد يساعد في تغيير قواعد الحرب على ساحات المعارك بالجبهة خاصة مع تركز العمليات القتالية وانحصارها منذ فترة طويلة بالخنادق.
وفي الأثناء، مثلت ألمانيا واحدة من الدول التي دخلت سباق إنتاج الدبابات. واعتمادا على أبحاث المهندس جوزيف فولمر (Joseph Vollmer)، أنتج الألمان أولى دباباتهم التي حملت اسم أي 7 في (A7V).
أل كاي 2
مع دخولها الخدمة سنة 1918، أثبتت الدبابة الألمانية أي 7 في فشلها حيث عانت الأخيرة من مشاكل عديدة كسرعتها على الطرقات وعدم قدرتها على التحرك بشكل سريع وملائم لإطلاق النار. ومع ظهور دبابات رينو أف تي (Renault FT) الفرنسية ودخولها الخدمة، شهد مجال صناعة الدبابات ثورة حقيقية، حيث تميزت هذه الدبابة بوزنها الخفيف وفاعليتها وامتلاكها لبرج مدفع متحرك وقادر على الدوران، وهو ما منحها أفضلية على ساحة المعركة. من ناحية أخرى، صنفت هذه الدبابة الفرنسية كأول نموذج لدبابة معاصرة.
إلى ذلك، اتجه الألمان بدورهم لإنتاج نسختهم الخاصة من الدبابات الحديثة الشبيهة برينو أف تي. واعتمادا على نموذج من دبابة أل كاي 1 (LK I) التي لم تدخل الخدمة أبدا، ابتكر المهندس الألماني فولمر دبابة أل كاي 2 (LK II).
وحسب التصاميم، كانت هده الدبابة من النوع الخفيف حيث بلغ وزنها 8.75 طن، وزودت بمحرك سمح لها ببلوغ سرعة 18 كلم بالساعة. وإضافة لسمك دروعها الذي تراوح بين 8 و14 ملم، امتلكت هذه الدبابة برج مدفع متحركا. أيضا، وجدت نسختان من هذه الدبابة حيث زود الأول بمدفع عيار 57 ملم، بينما زود الثاني برشاش عيار 7.92 ملم. ومع النجاح الذي حققته النماذج، قدم الجيش الألماني طلبية للحصول على 500 نسخة من دبابة أل كاي 2.
إلى ذلك، توقفت عملية إنتاج هذه الدبابة الألمانية بشكل مبكر حيث وضع استسلام ألمانيا وهزيمتها وبنود معاهدة فرساي حدا لبرنامج دبابات أل كاي 2. وبالسنوات التالية، اتجهت ألمانيا لإرسال قطع هذه الدبابة بشكل سري للسويد التي استغلتها لصناعة دبابة Stridsvagn m/21-29.