في مشهد يعكس عمق الانحدار الإداري والتمييز السلالي، تواصل جماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها اعتمدت الجماعة نظاما تمييزا في صرف مرتبات موظفي القطاع العام.
وأثار ناشطون وصحفيون يمنيون انتقادات حادة تجاه ما وصفوه بـ"التقسيم الطبقي القذر" الذي تمارسه سلطة الحوثيين في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، بحق موظفي القطاع الحكومي، في خطوة اعتُبرت انتهاكًا صارخًا لحقوق العاملين والموظفين ومخالفة لأبسط مبادئ العدالة الوظيفية.
وبحسب مصادر محلية، عمدت جماعة الحوثي إلى تقسيم الموظفين إلى ثلاث فئات وفقًا لمستوى رواتبهم، في سياسة تمييزية أثارت استياء واسعًا:
- الفئة "أ": وتشمل الموظفين الذين تتجاوز رواتبهم 200 ألف ريال، حيث يتم صرف مرتباتهم كاملة وبشكل شهري منتظم.
- الفئة "ب": وهم من تقل رواتبهم عن 80 ألف ريال، ويتلقون نصف راتب فقط، يُصرف نهاية كل شهرين. - الفئة "ج": تضم من تقل رواتبهم عن 40 ألف ريال، ويُعتبرون في عداد "المنسيين"، إذ يتلقون نصف راتب كل ثلاثة أشهر أو أكثر، رغم أن الجماعة تصرّ على وصفه بـ"راتب كامل"، في تضليل واضح للرأي العام.
ويعتمد الحوثيون في صرف المرتبات على قوائم جديدة تخضع لشروطهم الخاصة، بدلًا من الالتزام بالقواعد التقليدية التي تضمن العدالة والمساواة، ما أدى إلى إسقاط آلاف الموظفين من كشوفات المرتبات بذريعة عدم حضورهم إلى وزارة الخدمة المدنية لإثبات وجودهم، في حين أن الجماعة لا ترغب بحضور اي وموظف الى جهة عملة إلا لمن ينتمي لها سلاليًا أو تنظيمياً لا ترغب بحضور أي موظف إلى جهة عمله التي ينتسب لها ما لم يكن منتمياً لها سلاليًا أو تنظيميا، ما يعكس سياسة فرز عنصري خطير داخل مؤسسات الدولة يهدد النسيج الإداري للدولة ويُعمّق الانقسام المجتمعي.
ويؤكد ناشطون أن هذا التقسيم لا يستند إلى أي معيار قانوني أو إداري، بل يعكس نهجًا إقصائيًا ممنهجًا، بل إجراء اعتبره مراقبون وسيلة لشرعنة إسقاطهم واعتبارهم منقطعين أو حتى متوفين.
وبحسب تقريربحثي سابق لمركز المخا للدراسات الاستراتيجية فإن ما يسمى بـ"الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة وحل مشكلة صغار المودعين"، التي أُقرت في ديسمبر/كانون الأول 2024، تهدف فعليًا إلى تهدف إلى السيطرة على موارد الدولة تحت غطاء دعم المرتبات، وتعتمد على قوائم جديدة تخضع لشروط الجماعة، بدلًا من الالتزام بالقواعد التقليدية التي تضمن المساواة.
وأكد التقرير أن هذه السياسات تتناقض مع الدستور اليمني والقوانين التي تضمن صرف المرتبات وفق قواعد شاملة وعادلة، محذرًا من أن هذه الخطوة قد تواجه مصير الفشل، خاصة في ظل تصاعد الاحتقان الشعبي، وتزامنًا مع مخاوف الجماعة من انتهاء الحرب في غزة.
وحذر مركز المخا للدراسات الاستراتيجية من أن الآلية التي استحدثتها جماعة الحوثي لدفع الرواتب تعزز التمييز بين العاملين في القطاع العام، وتتناقض مع مبدأ العدالة.
ردود الفعل الغاضبة تتصاعد، والمطالبات تتزايد بوقف هذا النهج الإقصائي وإعادة الاعتبار للموظفين الذين تم حرمانهم من حقوقهم الوظيفية والمالية دون وجه حق.
سياسة الرواتب الحوثية لم تعد مجرد خلل إداري، بل تحوّلت إلى أداة إقصاء ممنهجة، تُكافئ المحسوبين وتُهمّش المستحقين، في مشهد يعكس انهيارًا أخلاقيًا وإداريًا غير مسبوق في مؤسسات الدولة، ويستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات الحقوقية المحلية والدولية.
ويأتي هذا في وقت يعيش فيه الموظفون في مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعًا اقتصادية متردية، وسط انقطاع الرواتب وغياب أي حلول جذرية، ما يزيد من معاناة آلاف الأسر التي تعتمد على دخل الوظيفة العامة كمصدر وحيد للعيش.