أقلام حرة
أقلام حرة

النخب السياسية  من المرونة إلى الميوعة

كتب :د. عبدالعليم محمد باعباد 

تجاوزت النخب السياسية اليمنية - إلا من رحم ربي - حد المرونة السياسية حتى وصلت درجة الميوعة؛ وهو ما جعل منها عجينة سهلة للتشكل على يد الدول المعنية بالملف اليمني إقليميا ودوليا. لذلك فمن المحتمل أن يكون دور هذه النخب وقيادة الأحزاب والمكونات السياسية في المرحلة المقبلة دورا  وظيفيا صرفا...

ومع هذا الدور الوظيفي سينكشف عن هذه النخب الغطاء الوطني؛ إذ لن تستطيع تغطية سوآتها بالشعارات الوطنية - كما في مرحلة الحرب - حيث لم تستعد الشرعية، ولا حافظت على سيادة الدولة، ولا بقي الوطن سليما، ولا عاش الشعب مستورا.

ورغم كل ما قدمته؛  ستتمزق الأحزاب والمكونات السياسية، كنتيجة طبيعية لتمزق النسيج المجتمعي، وتمزق ثقة القواعد الشعبية بها، وما يعضد هذا الاحتمال إقدام الرعاة على تشكيل مكونات جديدة لتقديم دور وظيفي أكبر .

ما يجري في الواقع اليوم من تشكيل مكونات جديدة بطريقة غريبة، إنما هو مقدمة لإعادة رسم الواقع السياسي، وما هو منتظر من هذه المكونات هو القيام بدور وظيفي أكبر يتجاوز الدور الوظيفي للأحزاب والمكونات السياسية القائمة أصلا.

إن الانقاسامات وبالأصح التمزق المحتمل للأحزاب والمكونات السياسية العتيدة في المرحلة المقبلة ليس سوى نتيجة متوقعة للشعور الشعبي المتغلغل اليوم - والذي سيكتمل غدا - بعدم قدرة هذه المكونات على التعبير عن روح الانتماء، وإخفاقها في تحقيق أي من الأهداف والحقوق الوطنية للشعب، بل وانحرافها عن خط سيرها الذي تضمنته أدبياتها، فلم تعد تعبر عن أهداف وطنية؛ بل تقوم بدور وظيفي حماية لمصالح الغير على حساب مصلحة الشعب. *كيف سيتحقق ذلك*!  سيتم إشغال النخب السياسية من قادة السلطة والأحزاب والمكونات بطُعم المصالح، كالمشاركة في سلطة مهترئة، كما أن الحد الأقصى لأهداف هذه النخب هو البقاء؛ وقد باتوا أحرص الناس على حياة.  و المتأمل لحال كثيرين منهم اليوم يجد أنهم يعيشون مرحلة تحول، أو مرحلة بناء المجد الشخصي المالي؛ المتمثل ببناء الشركات وشراء المصانع والعقارات؛ لذلك فالدفاع عن مصالح الغير يعني الدفاع عن مصالحهم. من المعروف أن هذه وسيلة إغراء تستعملها الدول الكبرى لتغير من طبيعة السلطات و الأنظمة السياسية وتحرفها عن أهدافها الوطنية. لقد سبق وأن تم تحويل جيوش عتيدة عن خطها الوطني بإغرائها بالمال ودخولها الحياة التجارية والمجال المالي، فما بالك بسياسيين لم تعرف سيرتهم الذاتية قول لا إلا عندما كانوا في ظل دولة ونظام يحرس الحرية والديمقراطية، فلما كان المطلوب منهم اليوم قول لا لبعض السياسات صمتوا وضاعوا.

*ردود الأفعال المحتملةفي المرحلة المقبلة*

بحسب معطيات الواقع في المرحلة المقبلة، إما تبدأ مرحلة ردود الأفعال تجاه الواقع، لتبدأ بالتشكل الظاهرة الوطنية؛ كضرورة حتمية تفرضها طبيعة الوجود والانتماء، وإما يستمر التمزق لا سمح الله.  على أن أكبر معضلة ستحول بين بروز وانتصار الظاهرة الوطنية هي هذه التكتلات السياسية المنحرفة في مسار أهدافها لحساب الدور الوظيفي مقابل الحفاظ على مصالحها والعيش بأمان، إذ ستبرهن على أنها مؤتمنة على الدور المرسوم لها، لكن بقاءها سيكون مرهونا ببقاء عوامل متغيرة.. والمتغيرات السياسية على الصعيدالسياسي الدولي باتت مرشحة للتدافع والظهور بسرعة سينتج عنها تغير في السياسات الإقليمية والدولية، فلله في خلقه شؤون.