أقلام حرة
أقلام حرة

الأزارق تخلع ثوبها الأزرق وترتدي ثوب الحداد الحزين

كتب: علي الحميدي (الترياق)

       «إنها الأم الثكلى»

لا ولن تجف دموعها، لن تنضب دماء أبنائها، دموعها مرهمٌ لجراحها، تتجدد في كل يوم أحزانها،تزيد آلامها تتفاقم أوجاعها، أم بقلب قاسي صلب قدّ من جبالها، شامخة تسلب الغيوم مكانها. الأزارق الحزينة  لبست ثوب الحداد السرمدي، الملطخ بدماء أبنائها الأشاوس الأبرار. لن تخلع عنها رِدائها الأسود الحالك. 

توضع الأوسمة على أعناق الصامدين  وتضع الأزارق ثوبها الأسود وسام تفخر به،  تفخر بأعداد شهدائها الذين خرجوا على الأقدام، وعادوا ملفوفين بأكفان بيضاء، تتوسطها بقع الدماء الطاهرة التي سالت من صدورٍ قدموها دروعاً لزخات الرصاص، وجماجم وضعت أحجار على حدود الوطن، وسياج عاثوري أمام الغزاة. 

يالها من قوية تفتخر باستقبال أبنائها المحمولين على الأكتاف بأسبالها البالية تزغرد زغاريد الحزن على مواويل العويل، تودع الشهداء الميامين.

 لا أدري أواسي جراحها أم جراح أبنائها. كم من جراح في هذه الأرض وكم من دموع سالت، لقد ارتوت وديانها وتخصبت الأرض بدموع الوداع التي تذيب التراب لحرارتها. 

مع كل دمعة وداع تولد شجرة وكأنها ضريح عملاق لملك عظيم، مع كل دمعة تزداد النيران استعاراً، لا أدري هل هذه الدموع مواداً بترولية تزيد النار اضطراماً، أم أنها حمم منصهرة.

تنحت على الخد طريقها، تذيب ملامح الجمال على الخدود الشاحبة المنهكة، والمثقلة بالمآسي، والمتخمة بالحزن الذي امتلأت به، وفاض الحزن عل سفوح قِممها العالية. 

وما زالت الأزارق رمز للتضحية، وكأنها هي المسؤل الأول عن حماية هذا الوطن ،وكأنها الجيش الوحيد المكلف بقتال العدو، لم تتهاون، ولم تهادن، ولم تقايض، ولم تتراجع قيد انملة للخلف. لا مكان لجنودها إلا الصفوف الأولى، هم المتارس التي تستقبل رشخات الرصاص، وقذائف المدفعية. 

بما اعزيك، بما أواسي جراحكِ ومصابكِ، بأي لغةٌ أصفُ أرض ارتوت الأشجار العاطشة بدماء أبناء أخيار، ومجاهدين باعوا الأرواح فداء لحرية الوطن، ولدوا ليكونوا شهداء، فلا عزاء لنا إلا أنهم شهداء.

اللهم أرحم شهدائنا ، وجعلهم في جناتك يتلذذون باطيب ما وعدتنا به يارب العالمين.