أقلام حرة
أقلام حرة

أبقراط الأزارق

كتب/وضاح الأحمدي

الدكتور محمود حنش.. طبيب "الأزارق" الأول، صديق الفلاحين والرعاة، طبيب الجميع يرحل بعد حياة حافلة بالعمل الصحي والإنساني على حدٍ سواء.. يرحل مثل واحد من جيله العظيم. الجيل الذي عمل كل شيء دون الحصول على أي شيء.. يا للجحود والنكران. 

 

محمود علي صالح حنش، أول طالب من مديرية الأزارق بمحافظة الضالع، يتخرج من معهد طبي متخصص ـ معهد أمين ناشر بعدن عام 1971م، ما يعني ذلك أن الطبيب الشاب حديث التخرج سيكون أمامه مشوار طويل وشاق من العمل الطبي الداخلي والميداني، في أكبر مديريات الضالع مساحة

وأكثرها كثافة سكانية وإغالًا في الفقر والجهل والمرض. 

 

العمل طبيبًا في مديرية الأزارق مطلع السبعينيات، يعني التنقل راجلًا في طرق وعرة وقرى متباعدة وموزعة على سهول وجبال وقمم صعبة تُجاور فيها النسور الإنسان.. ويعني مسؤولية توعوية شاملة لنقل المجتمع الغارق في الجهل، من التداوي بالسحر والشعوذة والكي، الى العلاج المُصنّع كيميائيًا.. يعني أن تضع الحُقَن والأدوية في ثلاجة المستشفى الريفي وفي حقيبتك الطبية وربما في جيبك ـ لا استغراب هنا ـ أنت الطبيب العام المتنقل والمجاني.. دكتور الجميع رجال ونساء وأطفال وشيوخ، ولا يهم ان تحصل على قسط راحة في منزلك، لأنك رجل الطوارىء الوحيد، كن جاهزًا لمصاحبة الطارق الأول لبابك، ربما أحدهم يعاني في قرية الدرب شرق المديرية أو في قمم حمادة وجبل الند وبن عواس، وربما ستسري ليلًا ذارعًا وادي الرونة وبلاد الأحمدي قرية قرية كي تنقذ حياة أحدهم في قرية تورصة الحدودية مع محافظة تعز غربًا.. 

 

هل هذا يعقل؟ 

نعم. فعلها الدكتور حنش" أبقراط الأزارق " ابنها البار .. الاسم الذي تجاوز كل معقول وممكن، العَلَم الممنوع من النسخ أو التكرار..

رحمة واسعة.