تعيش مدينة عدن، العاصمة المؤقتة والرمزية للشرعية اليمنية المعترف بها دوليا، حالة من الترقب والقلق المتزايد. فالمجتمع العدني ينتظر بفارغ الصبر توضيحا أمنيا شافيا ووافيا من الجهات المسؤولة عن أمنه واستقراره.
هذا المطلب المشروع يتوجه مباشرة إلى رئاسة الدولة والحكومة والمعنيين بحماية الدستور والقوانين والنظام العام، مؤكدا على أن أي تلكؤ أو عدم استجابة لهذا الصوت الشعبي سيترك فراغا أمنيا خطيرا يهدد النسيج المجتمعي الهش واستقرار المدينة التي تحمل ثقلا سياسيا كبيرا.
لقد بات من الضروري اليوم أن تكون الأمور واضحة وجلية، وأن تسمى الأشياء بمسمياتها الحقيقية..
فالقضية المطروحة ليست مجرد حادث عابر، بل هي جريمة أمنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جريمة ألحقت ضررا بالغا بالمكانة السياسية للشرعية ومستقبلها، وبمصداقية أطرافها السياسية لذا، يستوجب التعامل مع هذا الملف بجدية وشفافية كاملة، بعيدا عن أساليب الترقيع والتسويف.
إن هذا الوضع يستدعي تحركا عاجلا وإجراءات حاسمة لمعالجة هذا الخلل الأمني العميق. لم يعد مقبولًا أسلوب "عفى الله عما سلف" أو اللجوء إلى الحلول القبلية التقليدية التي تجاوزها الزمن في هكذا قضايا. المطلوب اليوم هو تفعيل سلطة القانون وتأكيد سيادته على الجميع دون استثناء، كضمانة حقيقية لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات الخطيرة.
وفي هذا السياق، تبرز قضية العميد عدنان القلعة مدير عام شرطة السير، الذي يحظى بمكانة اجتماعية مرموقة في عدن كونه أحد أبنائها وشخصية مشهود لها بالنزاهة وحسن السلوك والانضباط. إن ما تعرض له يستدعي وقفة جادة لإعادة الاعتبار له، ليس بمنحه تعويضا ماديا أو "هدية" كما اعتدنا في كثير من الأحيان، بل من خلال إقرار وتأكيد سيادة القانون على الجميع، دون أي اعتبارات سياسية أو مناطقية. فمثل هذا الخطأ، الذي يرقى إلى مستوى الجريمة، يحمل في طياته ضررا جسيما ليس فقط على الضحية، بل على السلطة السياسية والمعنيين بأمن البلاد والعباد، وأمن العاصمة السياسية للشرعية والنظام القائم – أو ما تبقى منهما.
إن الجميع اليوم في عدن يترقبون إجراءات ومعالجات حقيقية تمنع بشكل قاطع تجدد مثل هذه الجرائم الأمنية والسياسية والاجتماعية. فهل سيكون أصحاب الحل والعقد في البلاد على قدر المسؤولية؟ وهل سيتمكنون من ترجمة هذه المطالب الشعبية إلى واقع ملموس يعزز الأمن والاستقرار وسيادة القانون في عدن؟ الإجابة على هذه التساؤلات هي ما ينتظره المجتمع العدني بفارغ الصبر.