بقلم/عادل الشجاع
قد يقول قائل إن مشكلة عدن مع الشرعية وليس مع الإمارات . قد يبدو هذا الكلام صحيحا على المستوى الشكلي ، لكنه خاطئا على مستوى الواقع . أعلام الانفصال ترفع منذ العام ٢٠١١ والإمارات تدعم ذلك لكي تعطل ميناء عدن ، لأن نهضة الميناء يعطل دبي . ما أقدم عليه الانتقالي ليس جديدا ، فهو إمتداد لحراك عطل الدولة منذ ٢٠١١. والصراع هو صراع على السلطة وليس على مصالح الناس .
لا أعتقد أن أي حد يقف مع حاجة الناس ومصالحهم يستطيع يبرئ الانتقالي من المسؤلية في دفع مسار الأحداث للصدام الدموي ، ولا يمكن أن يبرئ الإمارات من شراكتها الكاملة في صناعة الأزمة . الانتقالي يدير الصراع في عدن من منطلق الصراع الصفري .
يريد أن يحصل على كل شيء أو لا شيء . يريد أن يحصل على السلطة أو يحرق البلد من بعده ، لأن منطق الصراع الصفري في السياسة يعني إبادة طرف للطرف الآخر ، بدلا من أن يحقق كل طرف بعض مصالحه ويترك للطرف الآخر بعضا من المكاسب .
أقول بكل وضوح عدن دخلت في صراع على السلطة وليس على مصالح الناس ، وكل طرف لن يقبل بكسر إرادته ، لذلك سيكون مسار الدم هو الخيار الذي تدفع إليه الإمارات بشكل مباشر أو غير مباشر . لن يعدم أي طرف من الأطراف صناعة المبرر الوطني أو الشرعي لموقفه في ذلك الصراع الدموي الذي ينتظر المدينة . الانتقالي ومن ورائه الإمارات يسحب الجنوب بكامله إلى محرقة مروعة ويعيد تعبئة الجنوب بمشاعر العنف ، ويتكئ على مظلومية قائمة على الكراهية والعنف والدم .
ترى الإمارات أن الشرعية عدوة لرغباتها لذلك تدفع بالانتقالي نحو إستخدام العنف سبيلا وحيدا للوصول إلى السلطة . الانتقالي يتحجج بفساد الشرعية . وهذه الحجة علاجها علاج المريض وليس قتله . الإماراتيون يلعبون بالنار ، فالجنوب ليس كما يتصورونه ، فارتباطاته تتوزع من إيران إلى قطر إلى التحالف العربي ، إضافة إلى الصراع المناطقي المختبئ تحت الرماد .
ما ينقص عدن ليس الصراع على السلطة بل ينقصها الخبز والدواء في الصيدليات والدولار في البنوك ، وفرص العمل . أبناء عدن بدأوا يجهرون بما كانوا يخفون ، لأن الألم لم يعد يطاق والشعارات لا تشبع من جوع ولا تنهي الفساد . من العجيب أن يعمل التحالف على تكتيف يد الشرعية ويجعل أيدي المليشيا طليقة . بهذه الخطوة التي أقدم عليها الانتقالي بتشجيع من الإمارات دفع بالدولة إلى مشارف الفشل .
وحينما تكون الدولة فاشلة فإن مشروع الانتقالي القائم على الانفصال لن يتحقق إلا في ظل دولة ذات شخصية اعتبارية تحقق ذلك . مثلما أن الوحدة لا تقوم بالقوة فإن الانفصال كذلك لا يتحقق بالقوة . المشروع الذي يتكئ عليه الانتقالي لا يخدم القضية الجنوبية بقدر ما يخدم مصالح الإمارات التي تسعى إلى تعطيل ميناء عدن والقضاء على حزب الإصلاح الذي تتهمه بأنه جزء من الإخوان المسلمين .
خلاصة القول إذا أراد الانتقالي أن يتبنى حاجة الناس وقضاياهم عليه أن يدعو إلى توسيع الشراكة داخل الشرعية ويشارك في السلطة بهدف استعادة الأمن والدولة . عليه أن يجعل من السلاح الذي يمتلكه في صالح الأمن الوطني وليس بندقية للإيجار . الكوارث التي حلت بعدن وتعطل الخدمات وتراكم الزبالة وطفح المجاري وفيروس كورونا الذي يتربص بالمدينة يحتم على الجميع الحفاظ على الشرعية ومطالبتها بالقيام بمهامها تجاه المواطنين وليس تفكيكها .
في مثل هذه الظروف يجب أن يطالب الانتقالي الحكومة بالعودة إلى عدن لتقوم بواجبها تجاه المواطنين بوصفها خادمة للناس وليس منعها من العودة .