لم يكن مستغرباً أن يرفع العالم الكرت الأحمر بوجه اليمن ويعلن عدم الاعتراف بمخرجات التعليم فيها ويخرجها من التقييم العالمي لجودة التعليم وفقاً لمؤشر “دافسو” الصادر حديثاً ، فالناظر اليوم إلى واقع التعليم في بلادنا يجد العجب العجاب ، فقد شهد تدهوراً مخيفاً .
ورغم الأثمان الباهظة التي سيدفعها اليمن نتيجة خروجه من التقييم العالمي لجودة التعليم فلا ابتعاث خارجي وسيكون التعليم فقط داخلياً ولا برامج تعليمية أجنبية وسيفرض العالم علينا حظراً تعليمياً ونكون في نظره جهلة ومتخلفين عن الركب ؛ ورغم كل تلك العواقب الوخيمة المترتبة عن خروج بلادنا من هذا التقييم بيد أن ذلك لم يلقَ ردة فعل ولم يحرك ساكناً لدى مسئولي الدولة الذين كان يفترض بهم التفاعل الجاد مع ذلك واعتباره جرس إنذار وناقوس خطر يحتم على الجميع - وبالذات المؤسسات التعليمية اليمنية بمختلف درجاتها - البدء فوراً بإصلاح ما أفسده أعداء التعليم ، لأن أي تأخير ليس في صالحنا لأن انحطاط التعليم سيؤدي بنا إلى مهاوي الردى ..!!
وحقيقة العالم لم يخطئ بحق اليمن أبداً ، لكن اليمنيين هم من ارتكب هذه الجريرة الفادحة بحق أنفسهم ، حيث عمدوا إلى تدمير التعليم ونشر الغش والتجهيل والفساد في كل مفاصل الوزارات المتصلة بالتعليم وبالذات وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي ، ولم يولوا هذا الجانب ما يستحقه من اهتمام ورعاية فرواتب المعلمين متدنية وحقوقهم مسلوبة وكرماتهم ممتهنة ولم يعد لهم أية مكانة أو احترام كما كانوا عليه في السابق ، واساتذة الجامعات اليمنية لا يختلف حالهم عن حال المعلمين ، فهم الأفقر عالمياً وظروفهم المعيشية صعبة للغاية ..!!
ولا يخفى على أحد الوضع المزري والغش في مدارسنا إلى درجة أن معظم طلاب الثانوية يتخرجون منها وهم بالكاد يستطيعون يكتبون ويقرأون بصورة صحيحة ، وأما التعليم الجامعي والدراسات العليا فحدث ولا حرج ، فقد شهد التعليم الجامعي ايضاً تراجعاً كبيراً لاسيما عقب الحرب ، وأصبحت الجامعات اليمنية تمنح شهادات الماجستير والدكتوراه بالجملة ولمن " هب ودب " وبتقديرات عالية جداً ، وربما تكون أكثر جامعات العالم منحاً للشهادات العليا ، حتى إننا لم نعد نجد طالباً واحداً مُنح شهادة ماجستير أو دكتوراه بتقدير جيد أو جيد جداً بل جميع من يتحصل على شهادة الدكتوراه تكون تقديراتهم امتياز مع مرتبة الشرف أو على أقل تقدير امتياز ..!! وليس هذا فحسب بل أن الجامعات الأهلية التجارية قد انتشرت حتى في الأرياف ، وأصبحت تمارس العمل الأكاديمي بدون حسيب أو رقيب رغم أنها تفتقر لأبسط المقومات التي تمكنها من تأدية رسالتها التعليمية بالشكل المطلوب ، فلا بنى تحتية ولا تجهيزات ومعامل ، ولا كادر تعليمي مؤهل ولا يحزنون ، فالعملية برمتها تجارة واستثمار ولا تمت للتعليم الأكاديمي بصلة ..!!. زكريا محمد محسن