ما اروع كرة القدم، بل ما اجمل الرياضة حين تأسر القلوب وتناجي الاذهان وتفجر طاقات الشباب محيلة اياها الى رقصات ساحرة في الملاعب، والى اهازيج وافراح واتراح لا تضاهي ايا من اناشيد واحزان الحروب او الصراعات العنيفة.
سأحدثكم اليوم عن كرنفال رياضي واين؟ في قرية ريفية نائية " الشيمة " ، وفي جبل يطاول السحب كبرياء وشموخ ، فلكم كان لقاء اليوم الاربعاء ، مفاجئة سارة لي ولزملائي الرائعين الواصلين ، الى ملعب الشهيد ياسين في قرية الشيمة في جبل جحاف الأشم . كانت المناسبة : " نهائي كأس الشهيد علي جرجور " ، وصدقًا كان الفريقان " معابر وجبل الشيمة " عند مستوى المباراة النهائية ، اداء واخلاقًا وتميزًا .
لا أكتب هنا تقريرًا اخباريًا ، وانما أدون لكم انطباعاتي الخاصة لمجريات مباراة قمة لا تقل اهمية عن الفرق الكبيرة.. شاهدت شبابًا يصولون ويجولون الملعب الترابي . ادهشوني حقًا، خفة ورشاقة ولياقة ولعب نظيف خال من الخشونة ، ومن التوقف ولحد ان حكم الساحة " رياض الحضرمي "لم يضف دقيقة واحدة ضائعة، او ان مساعداه رفعا لتسلل او لخطأ لم يراه ،فبالكاد رأيت انذارين ولمخالفتين اعتيادتين، وهذا منتهى الجمال والدهشة....
" معابر يخطف كأس الشهيد " جرجور " من اهل الضيافة جبل الشيمة "
هي مباراة كأس إذًا، وروعتها انها بقت مفتوحة ومنذ اطلاق الحكم لصافرته. تقدم فريق معابر ، القادم من مدينة الضالع، بهدفين رائعين في مرمى اصحاب الوفادة فريق جبل الشيمة الذي لم يهن او يستسلم او يفقد توازنه او بريقه، اذ ظل نجمه الكباري - قيل لي انه يلعب لفريق شمسان العدني - وزملائه ذياب والعكبي يشنون هجماتهم على مرمى بكر الحاج " نجل لاعب الصمود الشهير ب" الحاج " والى ان تحقق لهم ما ارادوا وبهدف أول قبل ان ينهي الحكم الشوط الأول.
الشوط الثاني نزل صاحب الضيافة لأجل تعديل الكفة فتحقق له من خلال قذيفة قوية ارسلها النجم الواعد العكبي من خارج خط الثمانية عشر ووسط ذهول المدافعين والحارس بكر الحاج ؛ لتشتعل المباراة ويزيد وهجها حماسا . احرز معابر هدفه الثالث دونما تطول فرحته بالتقدم، فمن هجمة لاصحاب الارض احرزوا التعديل، لتمضي الدقائق الاخيرة وجمهور الفريقين يضعان يديهم على قلوبهم خشية من هدف مباغت . وبرغم ان الفريقان اهدرا فرصا لا تضيع، وكذا بروز الاعياء على بعض اللاعبين والمباراة تلفظ انفاسها الاخيرة ، إلا ان ذلك لا يقلل من قيمة اللقاء الكروي الذي امتعونا فيه الشباب الواعد..
فريق معابر الفائز بالكأس، الى جانب حصول مهاجمه فهد على كأس الهداف، كان اداء الفريق قويا وخطوطه متماسكة واعجبني من لاعبيه النجم الواعد فهد وعلي محمود وطلال وعبدالله حمزة ،وهذا الحمزة كان بارعـًا في لمسه للكرة وفي تمريراته البينية.
شاهدت لمسات فنية ساحرة داخل المستطيل الاغبر، واكثر ما اشدني من جبل الشيمة هو اداء اللاعبين الكباري والعكبي وذياب ورابعهم اللاعب الانيق عبدالله مثنى . وايـًا يكن انتمائهم لاندية عدنية او ضالعية فهم وزملائهم قدموا مباراة تدون للتاريخ، رجولة وتناسق ولمسات ساحرة ، وكان ينقصهم فقط اللاعب القناص الذي يستثمر جهد زملائه، فضلا عن ثبات وتماسك خط الوسط ما انعكس سلبا على مهاجمي الفريق الذين شوهدوا في كثير من الاوقات وهم يؤدون دور زملائهم. ادهشني الجمهور واهازيجه الحماسية التي لم تتوقف طوال دقائق المباراة الثمانين، على اعتبار ان اللجنة المنظمة ارتأت تقليص عشرة دقائق . ولا انسي هنا الاشادة بالمعلقين الاذاعيين اللذين اعطيا لمجريات المباراة زخما وحماسة، وعلى ما يبدو ان المعلق عصام الشوالي صار ظاهرة كونية .
كما وابهرني حُسن التنظيم من جهة اللجنة المنظمة، فبرغم شحة الامكانيات قدر لها تنظيم بطولة تليق برجل نذر ذاته فداء لوطنه وشعبه، فتحية وسلام للرائع رياض علي ناصر وطاقمه المنظم للبطولة.
نعم، فاز فريق معابر بالكأسين البطولة والهداف، كما وفاز جبل الشيمة في شبابه المتألقين لعبا وسلوكا ، وفاز بني سعيد بالفريق المثالي ، وكذلك فازت اللجنة المنظمة ، وفازت الجماهير العاشقة الشغوفة بهذه الساحرة كرة القدم. كنت ورفاقي ، المهندس عبد الرحمن علي حمود، مدير عام مكتب الاشغال العامة والطرق ، والشيخ سيف سعيد عبيد ، مدير عام مكتب الهيئة العامة لرعاية اسر الشهداء والجرحى، غسان قزة، مدير عام مكتب الشباب والرياضة في محافظة الضالع؛ نناقش ونحن في طريقنا من مدينة الضالع الى جحاف اهمية الرياضة والثقافة عموما لجيل الشباب باعتبارهم مفتاح اي أمة تروم للنهضة والتطور واخيرا،، شكرا لك من دعم او حضر ، وشكرا لمدير عام المديرية الرجل البسيط الحاضر اغلب المباريات، وشكرا لمدير عام الخدمة المدنية الزميل علي حرمل، وشكرا لرئيس انتقالي جحاف، الرفيق عبد الناصر الطبقي، وشكرا لكل الجماهير التي اتحفتنا بهتافاتها . وشكرا للشاعر الكفيف،المناضل توفيق علي مثنى، فلقد كان له وفرقته دورا في رفع الهمم وشحذ النفوس.
شكرا لكم ،فانتم جميعًا فائزون ومتألقون واتمنى رؤية مثل هذه البطولة، فمثل هذا الكرنفال الرياضي ينبغي ان يسود ويتكرر ، وليرحم الله شهيدنا البطل علي جرجور وليسكنه الفردوس .