روسيا اخر دولة في العالم يمكنها دعم تطلعات مكونات جنوبية ناشدة استعادة الدولة السابقة بمساحتها وحدودها.
قبل ايام زارها الشيخ احمد العيسي ووفده المرافق الممثل للائتلاف الجنوبي، وأول أمس وصلها موفد الانتقالي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي، وقبل ذلك بمدة زارها موفد انصار الله الحوثيين. وفي كافة نقاشات ولقاءات السلطات الروسية يؤكد ساستها موقفهم الثابت الداعم ليمن موحد ومستقر، فلا يمكن ان يتجاوز الروس لسياستهم الخارجية التي طالما عبر عنها مندوبهم الدائم في مجلس الأمن أو صرحت بها وزارة الخارجية ، ناحية الازمة او الحرب في اليمن .
روسيا بلد كبير وفيه من التطلعات الانفصالية ما يكفيها ويجعلها غير داعمة لأي تطلعات تفكيكية، ويكفي الاشارة هنا إلى ما تسببت به مثل هذه الازمات الداخلية ، من ردة فعل سياسية ودولية مازالت مترتباتها سلبية على الدب الروسي . فأقليم القرم تم السيطرة عليه بالقوة الغاشمة ورغم اتخاذ روسيا اجراءات سياسية وادارية، بينها تنظيم استفتاء شعبي الَّا ان هذا الاجراء كان احاديًا ولم يمنح السلطة القائمة هناك اي مشروعية سياسية رغم محاولات الروس وتأثيرهم، فأغلب دول العالم لا تعترف بالإقليم أو حكومته. والحال ايضا يتكرر في الشيشان او إنغوشيا او ابخارزيا او سواها من البؤر التي تم اخمادها بالقوة والجبروت ووسط ادانة وشجب دولي وحقوقي وانساني. فمشكلة الانفصالية في روسيا موجودة طوال تاريخها بأكمله تقريبًا ،وهناك عدة أسباب لذلك: التركيبة العرقية المعقدة ، اتساع المنطقة ، أخطاء السياسة الوطنية ، دعم الانفصاليين من قبل الرعاة الخارجيين.
الآن لا تجد الحركات الانفصالية الحديثة في روسيا شعبية بين السكان ، فمنذ عام 2013 ، تمت ملاحقة النزعات الانفصالية في الاتحاد الروسي ، إلى جانب الإرهاب والتطرف.
وفي سبتمبر 2013 أُقر قانونـًا يقضي بتغريم اي شخص يدعو لتقسيم البلاد ، وهذه الغرامة تصل الى ٣٠٠ الف روبل ، ناهيك عن اجباره ل٣٠٠ ساعة عمل أو سجن ٣ سنوات .
امـَّا إذا صدرت دعوات عامة للإنفصال باستخدام وسائل الإعلام بما في ذلك الانترنت ،فيمكن معاقبة الجاني بالسجن مدد تصل لخمسة أعوام.
وعلى هذا الاساس أعد الحديث عن دعم ومساندة روسية لتجزئة اليمن فيه تضليل ساذج وعاطفي لا ينطلي على احد ممن يدركون ويقدرون خطورة العبث في مثل هذه القضايا الشائكة والمهددة اصلا للاتحاد الروسي ذاته، كقارة جامعة لشعوب مختلفة،ولديها تطلعاتها السياسية وان كانت خامدة الان بحكم القوة والهيمنة.. خلاصة الكلام يمكن قبول فكرة دعم امريكا أو بريطانيا لخيار فك ارتباط الجنوب عن الشمال، لكن ان تكون روسيا أو الصين أو المانيا فهذا اعده عبثـًا ملهيًا ومثاليًا ولا يصدقه غير السُذج والبلهاء والمخدوعين.
محمد علي محسن