كانت مدينة الضالع والقرى المحيطة بها مسرحاً لحرب ضروس استخدمت فيها مليشيات الحوثي مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة ، وصبت جام أسلحتها الفتاكة على رؤوس المدنيين العزل وقصفت بحقد دفين وبلا هوادة الأعيان المدنية ، وهو ما خلف مأساة إنسانية جراحها ما تزال غائرة حتى اليوم ولن تندمل مطلقاً مهما تقادم عليها الزمن ، فقد نجم عنها استشهاد وجرح الكثير من خيرة شبابنا ورجالنا الأشاوس ، كما أن السواد الأعظم من الأهالي قد تضرروا ولو بنسب متفاوتة ، فمنهم من دُمّر مسكنه ومنهم من فقد مصدر دخله وعائله الوحيد ولحقت به أضرار مادية فادحة ، ناهيك عن الأضرار النفسية الجسيمة التي تحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة لمعالجتها ومحو آثارها العالقة في الأذهان والنفوس.
ولكن وعلى ما يبدو أن كل تلك المحن والمعاناة والأهوال التي مرّ بها سكان مدينة الضالع وما جاورها لم تشفع لهم ولا زال يُمارس بحقهم أسوأ أنواع العنصرية والتمييز ، وظلم ذوي القربى هذا أشد مضاضة على النفس من وقع قنابل الحوثي وقذائفه ، فقد لا تصدقون لو قلت لكم أن سكانها الفقراء والمحتاجين محرمون من الإغاثات والمساعدات الإنسانية إلا فيما ندر ؛ بينما بعض المديريات الأخرى والقلة من قرى مديرية الضالع التي يوجد فيها مسؤولون وقادة تتزاحم على أبوابهم عشرات المنظمات وينعمون حد التخمة بالسلال الغذائية والمساعدات النقدية شهرياً وبصورة مستمرة منذ مطلع العام 2016م وتوزع على الجميع الأغنياء والفقراء على حد سواء ، ومن كثرة تلك السلال والمساعدات نرى الكثير يرسل بالفائض إلى أقاربه القاطنين في مدينة الضالع ، ونحن بالطبع لسنا ضد ذلك ومن حق سكان تلك المناطق الحصول على الإعانات سواء العينية أو النقدية ولا اعتراض على ذلك البتة ، ولكن نحن فقط نطالب بالعدل والمساواة بين الجميع مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأولية وفقاً لسياسات المنظمات الدولية والبرامج الأممية الخاصة بالاستجابات الإنسانية الطارئة هي للمناطق الأشد تضرراً من الحرب والمواجهات..!!.
وحقيقة اللوم هنا لا يقع على المنظمات الأجنبية وإنما على من اعتمدت عليهم واستأمنتهم من عامليها المحليين الذين تمرغت أياديهم بوحل الفساد والمحاباة والمجاملة على حساب المحتاجين والفقراء والمساكين والنازحين.
كما لا نعفي مسئولي اللجان المجتمعية في مدينة الضالع والقرى المجاورة لها ، بل إنهم يتحملون جزءاً من المسئولية لسكوتهم عن ذلك وعدم مطالبتهم بحصتهم المستحقة ، ونطالبهم هنا بالتحرك العاجل لانتزاع تلك الحصة أو التنحي جانباً وإتاحة الفرصة لمن هو قادر على خدمة الفقراء الذين أعوزتهم الظروف فأصبحوا بأمس الحاجة لقطمة دقيق أو أرز .. وقد كنا استبشرنا خيراً عندما سمعنا بخبر تأسيس مجلس تنسيقي من مندوبي المربعات وأعضاء اللجان المجتمعية البارزين لهذا الغرض ولكن لم نعد نسمع بهذا المجلس ولا نعلم هل لا زال قائماً أو قد تم حله ...؟!!!.
أما مكتب التخطيط والتعاون الدولي والسلطة المحلية والانتقالي فليس لدي ما أقوله لهم فهم الداء والبلاء ، وعند الله تجتمع الخصوم ، ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك. زكريا محمد محسن