يقطر القلب أسى وحسرة عندما نرى الوضع المأساوي الذي وصل إليه الناس في المناطق المسماة زوراً وبهتاناً بالمحررة بينما هي في واقع الحال المحافظات المنسية والمحاصرة ، فالغلاء وارتفاع الأسعار بصورة جنونية أثقل كاهل المواطن الغلبان الذي بات لا يملك ما يسد به رمقه وأسرته ويضمن له حياة كريمة تصون له آدميته وتحفظ له كرامته .. فحتى الراتب الذي قد فقد أكثر من 60% من قيمته أصبح لا يصرف إلا بالقطارة وبعد " فرمان" حكومي يعمم على مختلف وسائل الإعلام ويُحتفى به وكأنه قد تحقق منجز عظيم خارق للعادة..!!.
وأما بالنسبة لغياب الخدمات وبالذات الكهرباء فالحال يرثى له ؛ فقد أصبح انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وربما لأيام الهاجس الأبرز الذي يشغل الناس والمشكلة الأكبر التي تؤرق المجتمع وتقض مضجعه ، وما يحز في النفس أن ساعات الإنطفاء قد تجاوزت أكثر من خمس ساعات مقابل ساعة تشغيل غير حافلين بحال الناس في أيام العيد الفاضلة التي كانت في السابق تشهد تحسناً كبيراً في الكهرباء ، ولا مكترثين بما يعانونه من موجة الحر الشديدة وغير المسبوقة التي حولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق.
وأما الانفلات الأمني وانتشار الجماعات المسلحة - التي لا تعرف تتبع مَن ولا ماهية المهمة المناطة بها والتي تستدعي الاستنفار والانتشار بذلكم الكم الهائل من الأطقم والجنود المدججين بمختلف الأسلحة- فحدث ولا حرج ، فكل يوم نراهم يتبخترون بمواكبهم وسط الأسواق والأحياء السكنية المزدحمة بالمدنيين العزل .. فما أكثرهم في الأسواق والشوارع وحين تعدهم في الجبهات قليل..!.
وهناك الكثير والكثير من أوجه المعاناة والعذابات التي يكابدها المواطنون والتي لا تخفى على أحد ولا يتسع المقام لذكرها جميعاً ، فيجب على التحالف الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية ، وكل ما نريده ونرجوه منه في هذه المرحلة التي بتنا فيها تحت رحمته وفقاً لقرار البند السابع الذي وضع اليمن تحت الوصاية الدولية وفوّض تحالف دعم الشرعية تسيير شؤون بلادنا في مختلف مناحي الحياة ، هو توفير الخدمات وتطبيع الحياة والعمل الجاد على استباب الأمن وإقامة دولة المؤسسات والنظام والقانون وبما يضمن لنا حياة كريمة بعيداً عن بطش الفاسدين وتجار الحروب وحكم الغاب والمليشيات .. فهل هذه مطالب تعجيزية؟!!.
فالسكوت بعد اليوم لم يعد مقبولاً بل خيانة عظمى وكتم للشهادة التي أمر ديننا الإسلامي الحنيف بالجهر والصدع بها مهما كانت العواقب والتبعات ؛ فأعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، نعم لم يعد بمقدورنا السكوت أكثر فقد وصلت الناس إلى وضع مزرٍ وسيء للغاية لا يحسد عليه ، ويتحمل التحالف الجزء الأكبر من المسؤولية كونه صاحب القرار والحل والعقد والكلمة العليا في ما يسمى بالمناطق المحررة ، فضلاً عن أنه الآمر الناهي وما الشرعية وضرتها الانتقالي إلا دمى وأراجوزات بيده يحركها كيفما شاء ومتى ما شاء.
ختاماً التأريخ لا يرحم أحداً يا أيها التحالف فإن أحسنتم كُتب لكم ذلك في أنصع الصفحات ، وإن أسأتم فحتماً سنذكرها لكم على مر الأجيال ، ولا تموت العرب إلا وهي متوافية..!.
زكريا محمد محسن