إبراهيم بن صالح مجور
إبراهيم بن صالح مجور

مقابلة معَ الكورونا في عدن "قصة خيالية"

يومًا ما؛ كنت أتحدث معَ صديقي المُقرب -وجهًا لوجه- عن أحوال رفيقٌ ثالثٌ لنا -متغيب من الظهور- وأنا أتحدث... رأيت ملامحٌ عبوسة أمام عيناي، سألته (ماذا هُناك؟) أجابني (ألا تعلم ما بِه!) تفاجأت وغْيّرت موضع جلستي (ماذا بِه! ماذا؟) لم ينطق ليّ...

صرخت (ماذا بِه! أنا أتحدث أيها الحقير، ماذا بِه؟) رفع رأسهُ إليّ؛ بدموع مليئة بالدموع (مُصاب، مصاب بالكورونا، وحالته خطرة) ليوطئ رأسه بعد ذلك.

توقفت أُحدق بِه "أحاول أستوعب الصدمة، أحاول أفهم ما قاله، أحاول أتمالك نفسي" فقلت له لاشعوريًا (محمد -اسم مستعار- الذي كُنت قبل شهر برفقته، مُصاب بالكورونا؟) رفع صديقي رأسهُ وبملامح غاضبة قائلًا (هل تخاف من الموت؟) قلت له يا رفيقي (من جرب أن ينتحر يومًا؛ لم يعد بقلبه خوف بتوقف آلتهُ الديناميكية، فهُناك ربٌ رحيم).

بل؛ تسألت وقلبي يشعر بالخوف من الخيانة الذي ينتاب الشجاع عندما يكون بوسط معركة حُرة "تسألت خوفًا من أن نفقده".

إبراهيم؛ ماذا يجب أن نقوم بِه! (دعنا نتصل بوالده)، أتصلت بِه - يرن الهاتف، ثم رد- قلت له فورًا (كيف محمد، كيفه؟) فقال ليّ (ألقِ تحية الإسلام يا أبني، إبني كانت حالته سيئة للغاية، وشعرنا بأننا سنفتقده، فنذرنا لمن لا إله إلّا هو بصدقة لم نخرجها من قبل لأجل سلامته، واليوم وبهذهِ اللحظة في تحسن ملحوظ عن الليلة الماضية) من أنت يا بُني؟، أغلقت المكالمة.

ألتفت إلى رفيقي؛ ما رأيك بأن نزوره للمنزل! (إبراهيم؛ هل أنت مجنون!) نعم؛ قُم لنذهب؛ أريد أن أراه.

وصلنا بالفعل؛ توقفنا أمام باب منزلهم؛ فطرقنا الباب، رفيقي يُخبرني (أنت تطرق باب خطير يا إبراهيم، شاهد النظرات من حولك) شاهدت؛ فشعرت بأنني أصبحت شخصٌ تنمّر عليه المُجتمع؛ لإنهُ يطرق باب لا أحد يطرق عليه بعد هاليوم!.

من الطارق! من! (شابان عزيزان) يفتح الأب وبيديه مُسدسٌ مائي لتعقيم من قام بملامسة بابهم، من أنتما! (نحن من أتصلنا عليك قبل ساعة ونصف) يبتسم الأب ليقول (لا أستطيع استضافتكما يا أولادي) لا أريد لكما ما أصابـ... تدمع عيناه، قدم رفيقي ليحتضنه فمسكته بقوة (من هو المجنون حالًا!) خذ خذ يا أبا محمد هذهِ مجموعة من الفيتامينات والفواكة المُهمة، وأخبره بأننا نحن رفقته -رفقة الحقراء- أبتسم الأب وقال (بل؛ رفقته الأمراء) ودعناه، أبتسمت لرفيقي الآخر، ورجعنا أدراج منازلنا.

بعد 3 أيام؛ ثلاثة أيام فقط... بابنا يطرق وأسمع صوتًا خفيفًا يُناديني (إبراهيم، يا بن صالح) فتحت الباب الأول والثاني وأنا أتساءل من هذا؟، فتحت الباب الأخير؛ فتحته لأرى نورًا يَشُع أمام عيناي... رأيت رفيقي المُصاب -رأيته برفقة والده- رأيته وهو يقف من الباب على مسافة 3 متر ليرفع ليّ يداه ويزيل كمامته من وجهه ليبتسم ابتسامة عريضة ليقول ليّ (أنا بخير وخرجت من مرحلة الخطر، وقدمت لك لأوعدك بأنك تستحق شيء وستعلم بِه قريبًا) وغادر مبتسمًا.

أتصلت فورًا برفيقي الآخر؛ هل قدم لكَ محمد! (نعم، إنهُ بخير يا إبراهيم، إنهُ بخير).

نصيحة: كونوا بالقرب من الله. أنذروا صدقات لمن يحتاجها. لا تنسوا أحبابكم ولو بالدعاء. لا تستهتروا بالجائحة الفيروسية. وأدركوا بأن الّذي "لا ينسَ الله وقت الرخاء؛ لا ينساه الله وقت الشدائد".

أنتهى.