عمال النظافة في الدول المتقدمة لهم مكانة مرموقة فضلاً عن الامتيازات التي يحظون بها وأجورهم من أعلى الأجور ، ففي اليابان يعد عامل النظافة الموظف الأكثر دلالاً ورفاهية حيث يتراوح راتبه ما بين 75 ألفاً و100 ألف دولار سنوياً ، وتقوم الحكومة بمنح جميع عمال النظافة سيارات خاصة بهم حتى يكونوا أكثر انضباطاً ودقة بمواعيد العمل ، بل قد وصل بهم إجلال عامل النظافة إلى سن قوانين تجرم مناداتهم بعمال النظافة أو الزبالين أو غيرها من المسميات التي يعتقدون بأنها تنتقص منهم ؛ لذا يطلقون عليهم " مهندسو الصحة والنظافة".
وأما في أمريكا راتب عامل النظافة قد يصل إلى 120 ألف دولار سنوياً ، وأما عامل النظافة في ألمانيا فهو صاحب أكثر الوظائف احترامًا وتقديرًا ويأتي بعد الطبيب.
وفي بريطانيا والسويد قد تم توطين مهنة النظافة حيث يشترط القانون فيهما على أن يكون المتقدم لمهنة “عامل النظافة” من أبناء البلد ولا يحمل أي جنسية أخرى احترامًا لتلك المهنة ، والأعجب من ذلك أن دولاً قد نصبت تماثيل خاصة بعمال النظافة تقديراً وامتناناً لهم ... وهلم جرا.
أما في بلادنا - وللأسف الشديد - نجد شريحة عمال النظافة الأكثر شقاء ومعاناة وتعاسة وبؤساً على مستوى العالم أجمع فرواتبهم متدنية بصورة تكاد لا تصدق وحقوقهم مصادرة والمجتمع ينظر إليهم بازدراء واحتقار برغم أن خدماتهم لا نظير لها ؛ فهم يعملون بمعدات تقليدية بدائية ويلامسون الأوساخ - أعزكم الله - بأيديهم وأجسامهم بصورة مباشرة بعكس نظرائهم في بقية دول العالم التي لديها إمكانيات هائلة ومعدات متطورة ويحظون برعاية طبية خاصة.
والأدهى والأمر إن من يقوم بأعمال النظافة ويبذلون جهوداً مضنية من أجل بيئة نظيفة وشوارع خالية من القمامة والأوساخ ويعرضون حياتهم للخطر هم فئة المهمشين ، وبرغم جهودهم تلك بيد إننا نجد أن غالبيتهم في وظائف تعاقدية ولسنوات طويلة قد تتجاوز العشرين عاماً وبأجر شهري حقير لا يتجاوز 30 الف ريال شهرياً لا يكفي حتى لشراء كيس أرز ، بينما عند التوظيف الرسمي تذهب الوظائف الثابتة لغيرهم من ذوي البشرة البيضاء الذين هم مجرد أسماء على كشف الراتب دون أن يقومون بأي مجهود البتة.
وليس هذا فحسب بل أنهم محرمون من الحوافز والمكافآت والإضافي ومن التأمين الصحي والتطبيب ولا يتم منحهم الإجازات المستحقة لهم ويتم معاملتهم بقسوة لا توصف.
وطالما أن صناديق النظافة والتحسين قد أرهقها الكم الكبير من الموظفين والمتعاقدين "المفرغين" الذين لا يداومون إلا عند صرف المرتبات ، في حين أن المهمشين هم من يقومون بكافة أعمال النظافة رغم قلة عددهم ، فلابد من إحقاق الحق وإعادة هيكلة هذه الصناديق وإلغاء كافة العقود مع من تم التعاقد معهم من غير المهمشين والذين ليس للصندوق أي حاجة بهم كونهم لا يقومون بأي أعمال ويرفضون حتى مجرد الحضور والالتزام بالدوام ، وتحويل الأجور التي تصرف لهم لتحسين وضع العمال الحقيقيين العاملين بالميدان من فئة المهمشين ، لأن ذلك سيكون دافعاً كبيراً لهم على بذل مزيد من الجهود.
ختاماً : ربما الغلاء والبلاء والحروب والمشاكل التي تعصف بنا هي بسبب ظلم واضطهاد عمال النظافة لاسيما المهمشين منهم وعدم منحهم حقوقهم ولو في حدها الأدنى ، فارفعوا الظلم عنهم .. فأذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك. زكريا محمد محسن