واحد كان بائعًا للماشية في سوق الثلوث وفجأة صار قائدًا للواء ومن ثم لألوية ، فجلب إخوته وأبناء عمومته وصهوره الذين صاروا وكلائه في بيع الاراضي والسيارات المنهوبة والملايين المستقطعة من مرتبات الجنود والضباط .
في العام الأول بني عمارة في مسقط رأسه ، وفي العام التالي عمارتين في عدن ، وفي العام الثالث أشترى فلة في مصر ، ويا ليته توقف وأكتفى ، بل زاد طمعه فيوم يتقطع أقاربه لقاطرة بنزين ، وثانية يستولي على بضاعة تاجر ، وهكذا دواليك .
شخص أخر كان يضرب القملة بعصا ، فظهرت عليه ليلة القدر : شبيك لبيك .. فتمنى أن يكون كوزًا في طاقة ، ومن وقتها وصاحبنا كوز ماء في نافذة ، ومن عطش تناوله وشرب له دغمة ، وسبحان الله من غباء بعض البشر ، فبدلًا من يطلب الملايين أو العافية على الأقل ، تمنى أن يكون كوزًا أو بوابًا أو حارسًا ، لا فرق لديه .
حالة ثالثة صاحبها طالب راسب في دراسته ، فقام وعمل منشور حنَّان طنَّان تحامل فيه على الجامعة وعلى عمادة الكليات ،إذ صور مسكن شيده عميد كليته من حر ماله وقبل أن يصبح عميدًا .
والحقيقة أن الطالب ما قدر يستخرج شهادته بسبب رسوبه في عدة مواد فقال إن العميد يسكن بجوار أرضية مملوكة لنجل الرئيس هادي .. طيب ايش الصلة بين الشهادة والفشل والعميد والأرضية حق بن هادي ..
حالة رابعة وهي ايضا لطالب اخر تم ضبطه وهو يغش من قبل الدكتور المراقب للأمتحان ، طبعًا الطالب الفاشل لم يسكت فقام واستأجر جماعة مسلحة خارجة عن القانون .
ومن عامين والدكتور غائب عن قاعة المحاضرات بينما البلطجي وعصابته يبحثون عنه تارة في الجامع وأخرى في الكلية ، أما التهمة فهي أن الدكتور إخواني ، هكذا عيني عينك ، دمه مباح ، وبلا ذنب أو جريمة غير أنه معلم جاد ومحترم ولا يقبل رشوة أو وساطة .
أما الحالة الخامسة فصاحبها شخص غريب الأطوار ، فإذا ما ضاقت الدنيا عليه أخذ سلاحه وراح ينهب ويسرق ويقتل وبلا أدنى شعور بذنب أو شفقة ، فلم يسلم من بطشه تاجر او بائع او عابر سبيل ، جمع غنائمه من السيارات والدراجات والسلاح وبني له مسكن وتزوج اربع في سنة .
وبعد كل جرائمه المشهودة ظنَّ النَّاس أن زواجه وتجارته كافية كي يقلع عن الحرابة والسلب والقتل ، لكن الشخص ظل متمردًا متمنطقًا بندقيته .
وبينما هو يترصد ضحية جديدة انطلقت رصاصة خاطئة من سلاحه لترديه قتيلًا ، ترك كل ما جمعه من مال وزيجات وسيارات ، والمحزن في هذه الحكاية أن أحدًا لم يذرف دمعة حزن عليه أو كلمة تضرع علَّها تخفف عنه وطأة المنتظر .
أما أخر حكايات اليوم فصاحبها كان مشهورًا في سرقة الهواتف المحمولة في سوق القات ، وإذا لم يسرق هاتفًا خطف له ألف أو الفين أو كيس قات ومضى في سبيله .
ومنذ ما بعد الحرب اختفى وجهه فلم يعد أحدًا يراه ، إلى أن شُوهد قبل أيام في سوق القات ، حدث استنفار ونفير ، ورغم ذاك الهلع الحاصل كان الشخص صورة مغايرة ، إذ تبدل حاله وهيئته ، فلقد رمي بحزمة ابو الف ريال نظير تخزينة قات له ومرافقيه .
ضجّ الضحك في أرجاء المكان ، وتهامس الباعة والمتسوقين ، فلص الهواتف سابقا صار قائدًا مقربًا من قادة التحالف ، وقيل أن لديه الآن قافلة من الأطقم ، وان عديد من القادة والمسؤولين يتسولون منه الغذاء والدواء والمؤنة والمكرمة .
أما اغرب ما في حكاية ابو الجوال ، هي أنه بلا هاتف محمول ، واذا ما أردت مصلحة منه فيتوجب عليك حفظ أحد ارقام أقاربه أو مرافقيه .
ربما أن الهاتف المحمول يذكره بماضيه القريب ، وربما انه اعتاد سرقة الهواتف وليس حملها أو استخدامها كبقية عباد الله ..
وإلى حكايات جديدة ..
محمد علي محسن