منذ مدة وجيزة وطلبات الأصدقاء في منصات التواصل لا تتوقف ، طلبوا نسخا إلكترونية من رواية " عائدون " ، وهذه مسألة عادية فالقصة جديدة وفي زمن الفضاء المفتوح .
لكن ما أثارني ودفعني لكتابة هذا المنشور هو أن العشرات من فئة الشباب وجدتهم طلبوا نسخا إضافية من روايتي " حقل الفؤاد " و " الشرق أشجان " حتَّى أنني بعثت إلى اللحظة بعشرات النسخ بصيغة pdf .
وبقدر عناء الشبكة العنكبوتية إلَّا أنني أحسست بسعادة غامرة ، فأن يصير الأدب والشعر والفنون عامة لغة يتشارك بها صنَّاع الحياة مع عشاقها ، فهذه غاية إنسانية كنت أظنها بعيدة المنال .
ففي بيئة هيمنة فيها لغة القتل والدم والرصاص واستبدت بها مراسيم تشييع جثامين الموتى ؛ يصير الحديث عن معاني السلام والحب والاطمئنان والفرح والحلم والتفاؤل ، مجرد حالة ترف عبثية .
لكنني أعترف بخطأي ، فعلى غلبة هذه المفردات هناك أصوات غير مسموعة ، وهناك أنفس باحثة عن نجاة ، وهناك نخب اغتالها الصمت الطويل ، وهناك شباب تائهون ، حائرون ، ممزقون ذهنيا ووجدانيا .
كما وهناك أناس سئموا لغة الخراب والدمار والقتل وهؤلاء عددهم يزيد وصوتهم يرتفع رويدا
ويقابل هذه الفئات هناك فرق تجهيل وظلام وإغتيال وتحشيد ، جماعات أدمنت رائحة البارود ولا ترى في وطنها غير توابيت قتلى وصرخات ثكلى وأنين بؤساء .
القراءة تعني أننا أحياء ونبجِّل الحياة ، وعدا هذه الغاية الأصيلة ، فأن إشاعة الموت لا تعني غير أننا موتى لا محالة .
محمد علي محسن