أقلام حرة
أقلام حرة

حاجة في نفس يعقوب لِهدم مسجد النصر

كتب/ إبراهيم بن صالح مُجوَّر.

 

عندما يتم هدم مسجد؛ بِحجة إنه لا يَتسع لِلمُصلين، وبِناءهُ لم يَتجاوز 56 عامًا، ويُبنى مكانهُ 20 محل تجاري بِالدور الأرضي ومسجدٌ بِالدور الثاني والثالث؛ بِتكاليف باهظة، يَكون هدف الهدم؛ لِحاجةً في نفس يَعقوب.

 

وملايين الريالات السعودي -بل خُمْس منها؛ وليس كُلها- كان الأحرى أن تُنفق بِسداد الديون المُتراكمة على كاهل الفقراء وذو الحالات المرضية المُستعصية في العيادات الطبية والصيدليات المُجاورة لِلمسجد، لِلتخفيف من مُعاناتهم، والتزامًا بالآية الكريمة (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ*فك رقبة*أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ*يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ*أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ)، وَتطبيقًا لأقصر خطبة في التاريخ -قبل 1000 عام- لِلشيخ عبد القادر الجيلاني عندما قال (إن لُقمة في بِطنُ جائِع؛ خيرٌ مِن بناء ألف جامِع).

 

وهدم مسجد النصر -أول مسجد في م. المنصورة- هو ليس إلّا استمرارية لِمسلسل العبث بِمأثر عدن الدينية والتاريخية، بِينما المعالم الأثرية؛ أعمال الترميم والصيانة بها؛ دورية -غير منقطعة- وإذا سَنذهب بعيدًا إلى صنعاء؛ سَنرى بأن أبناءها لم يهدموا الجامع الكبير -أول مسجد في اليمن- بل قاموا بِترميم أجزاءه المُتهالكة، وَكذَلك بِنفس الحال معَ مسجد الجند في تعز والّذي تجاوز عمره 1438 عام، وهذا لا يأتي إلّا من اهتمامهم بِالمُحافظة على تاريخهم ومآثرهم وروحانية مساجدهم القديمة الّتي زخرفتها وتفاصيلها وأركانها؛ تربط الأحفاد بِالأجداد، وذَلك يبعث الفخر والاعتزاز والتمسك بِتاريخهم القديم والتماسك الوطني بِهويتهم وحضارتهم الإسلامية.

 

فَحافظوا على مساجدكم يا أبناء عدن -فقد تم هدم 22 مسجد أثري في مدينتكم- ولا يزيد عليكم أحد في حبهم لها واهتمامهم بها، فالإيمان بها واحترامها لا يحتاج إلى تأكيد، ولا تَسمحون لأحد أن يطُّمس تاريخ مدينتكم، أو أن يَهدم هويتكم، وإلّا سَتُجردون من مدينتكم يومًا تلو الآخر؛ بِصمتكم.