من يتابع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وهم في الرياض أو أبو ظبي يجدهم موحدين في التبعية ويجمعون على ما يطلب منهم ، لكنهم على مستوى الوطن يكيدون لبعضهم البعض ويقودون حربا شرسة إلى درجة أنهم عطلوا تشكيل الحكومة وعطلوا إصلاح الخارجية والسلك الدبلوماسي وفوق هذا كله وكلوا الرياض في التفاوض مع عصابة الحوثي الإرهابية ، على الرغم من وجود قرارات دولية تدعو إلى استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب .
ومنذ أن تشكل هذا المجلس وأعضاؤه يتنافسون فيما بينهم على تقديم الولاء والطاعة للرياض وأبو ظبي ونسوا أنهم يمثلون الشرعية اليمنية التي يتوجب عليها تحرير الوطن من العدوان الداخلي والخارجي ، وأصبحوا يتعاملون مع الشعب اليمني على أنهم مجموعة من اللاجئين يحتاجون لبعض المساعدات الإنسانية والتسهيلات الحياتية التي تقوم بها الأمم المتحدة وليسوا شعبا يحتاج إلى دولة مثله مثل بقية الشعوب الأخرى .
أسئلة كثيرة مستهجنة تطرح عن الخلافات داخل مجلس القيادة ، في محاولة لفهم الحقيقة ، خاصة أن الدولة لم تستعد حتى الآن والحوثي لا يزال جاثما والدولة اليمنية لا تزال بعيدة المنال ولا توجد غنائم توجب الاختلاف ، فوجه الاختلاف هو حول الوطن ، أما حول التبعية فمتحدون ، تصر الإمارات على الدفع بهم إلى التحريض على حزب الإصلاح ويبدو أنها نجحت ، لكن أحدا لم يخضع هذا التحريض للفحص والتدقيق بشكل يتناسب مع حساسية وخطورة الدور الذي تلعبه .
من المؤكد أن الإصلاح ارتكب أخطاء كثيرة أثناء قيادته للشرعية ، لكن من المؤكد أيضا أن قيادات الأطراف الأخرى الموالية للإمارات لعبت دورا أساسيا في وضع الأمور في هذا الاتجاه ولا يمكن إعفاؤها من المسؤلية ، هذا الصراع أثر على الشرعية وجعلها خارج الأجندة الوطنية ، بل إن التنافس الحزبي جعل الوطن في مرتبة لاحقة .
والمضحك ، أنه تشكل إلى جانب مجلس القيادة الرئاسي هيئة للمصالحة ومنذ أكثر من ثمانية أشهر وهذه الهيئة تبث الخلافات وبعض أعضائها يضخون الكراهية والأحقاد ضد بعض أعضاء مجلس القيادة وضد الوطنيين الذين يسوؤهم هذه التبعية المخزية ويسوؤهم تآكل الشرعية التدريجي بسبب المحاولات السعودية الإماراتية الساعية إلى اجتثاث عوامل بقاء الدولة عبر استهداف مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية وتجفيف الاقتصاد .
حولت السعودية والإمارات تحرير صنعاء إلى ورقة مساومة للوصول إلى مربع تسليمها إلى عصابة الحوثي الإرهابية بشكل رسمي ، وحولتا دور المجلس إلى دور وظيفي مرتبط بتوفير السيولة المالية التي تؤمن رفاهية القيادات التي تهيمن على السلطة ، ولا نبالغ إذا قلنا ، إن الملف الأخطر والأصعب الذي يمر به مجلس القيادة هو التفاوض السعودي الحوثي ونجاح الأخير في إرغام السعودية على الإقرار بشرعيته في الانقلاب بضغط أمريكي ، وإذا استمرت الخلافات داخل مجلس القيادة على المشروع الوطني ، فإنهم لن يستعدوا الدولة وستتجاوزهم الأحداث وستتخلى عنهم الدول الداعمة لهم واستبدالهم بأتباع جدد .