بقلم/عصام علي محمد لازالت سحب الدخان تلبد سماء أبين الموجوعة بأبناءها والمفجوعة بنخبها وقياداتها العسكرية والمدنية. في أبين من لم يمت بالرصاص مات بوباء او بحفرة على الطريق العام او بكثيب رملي او كمداً وقهراً … فالموت سلعة يوزعها الكبار على الصغار الباحثين عن فتات العيش وكفافه،هي مساحات يتسابق الناس والموت به مكرهين .فالموت وحده من يساوي الجلاد بالضحية حين أضحت إحتمالات الموت ميسرة أمام الجميع. إحتمالات الموت غدت مهيمنة تجثم صدر الحاضر وتحاصر بتمنع كل بوادر انبلاج تبشر بفرح قادم لهذه المحافظة أو لأهلها المتعبين جراء تتابع صور الحزن في ظل مسلسل طالت حلقاته شعر البطل ذاته بالملل من تكرار دور البطولة الهزلية التي تجبر جميع المشاهدين على البكاء. في أبين فقط يتسأل ألبيب الحيران لماذا أبين ساحة دائمة للقتال ؟ لماذا لا تتطهر من رجس شياطين الأرض …تساؤلات تفضح تلك الوجوه المتلونة المختفية تحت شعارات وطنية بعضها مؤيد واخرى رافض والحقيقة ان المؤيد والرافص يغتاتون من ترديد تلك العبارات الزائفة. في ابين فقط تنتصب خيمتان واحدة عزاء لضحية الجلاد والأخرى للجلاد يحتفي بتحقيق نصره المتمثل بقتل الضحية والمؤلم أن الجلاد والضحية هم شباب أبين وعودها الأخضر الغض المرتجى خيره . أبين وضع إنساني مؤلم انعدمت فيه بوادر التحرك الشرعي المسؤول ذاك الغياب أحال قرى ومدن أبينية إلى مسرح للجريمة والنتيجة أن بعضنا يقتل والآخر ينتظر تفاصيل الموت القادم من جهات المدينة الأربعة. أبين تفتقر إلى ضمانات تؤمن أبسط الحقوق الأكيدة للعيش الآمن. مع مرارة الأسف المنتشرة في تفاصيل حلوقنا رأينا كيف تحول بعض العقلاء والوجهات ممن يمتلكون زمام الأمر والنهي والحسم لأمور أبين .هؤلاء تحولوا وبكل آسف إلى أدوات تؤسس للبغضاء والاحقاد بين أبناء أبين.وقد نجحوا مؤخراً في تنمية نزاعات أشبه ماتكون بالمناطقية ويهدف تجار الموت الى اتساع رقعة الصراع وأقرب وصف لتلك العملية انها إقتتال بالانابة ليس فيها دوافع وطنية مؤيدة لصراع الاخوة بل دوافع ذاتية تهدف الى اخلاء الساحة ممن اختلفنا معهم بإصرار عجيب نعجز عن تصديقه بعض الاحيان. فأبين لا تحتمل مزيداً من المآسي فمتى يدرك العقلاء مدى حالة الجفاف الإنساني الذي يعانيه أهل ابين وساكنوها . اليوم يعلم الجميع مقدار الجهد الذي يبذله قلة قليلة من الشرفاء من أبناءها الذين يحاولوا إخراج أبين من مكيدة كل حاقد وناقم لا يرتضي لأبين إلا الدمار الشامل للحياة المدنية فيها وخنق كل بوادر ردم هواة الاختلاف بين رجالها . في ظني واعتقادي أن الأوان قد آن لهذا الجرح أن يندمل وتلتأم جراحاته إلى غير رجعة خاصة والجميع خاسر وان هذا الاستمرار يعني الاستنزاف . وبدايات الغيث قطرة تتمثل بتحرك وجهات المحافظة لاقناع الطرفين بفتح خط آمن ولو لساعات لمرور العالقين وقد نجحوا. ولكن المراقب للوضع وعن كثب يلمس تثاقل التحركات المتثاقلة في الاطر الرسمية والدولية المعنية بوقف هذا العبث بالارواح. والتلويح بعصاء الطاعة لكل طرف يرفض أي عملية للتغيير تهدف إلى زراعة الأمل في نفوس الجميع … ولن يتأتى ذلك إلا بوقف إراقة الدم في أبين أولا وأخيراً. أملنا سيكبر في صدورنا حين يستشعر الجانبان حجم الجرم الذي يمارسه تجار الموت في عموم أبين…