على وقع الاتهامات الموجهة للميليشيات الحوثية بالإهمال والتقاعس والفساد التي طالت القطاع الصحي وتسببت في عودة تفشي العديد من الأمراض والأوبئة في عموم مناطق سيطرتها، اعترفت الجماعة بتفشي «كورونا» وأكثر من 26 وباءً بالمدن الواقعة في قبضتها.
وأقر القيادي طه المتوكل؛ المعين وزيراً لصحة الجماعة الانقلابية، في إحاطة له قبل أيام أمام النسخة الحوثية من البرلمان في صنعاء، بوجود حالات إصابة جديدة بوباء «كوفيد19»، مطلقاً عليها اسم «حالات الالتهابات التنفسية الحادة».
ونقلت وكالة «سبأ» بنسختها الحوثية عن القيادي الانقلابي، قوله: «هناك مراكز ومستشفيات عزل خاصة بـ(كورونا)؛ بينها (الكويت) و(المستشفى الجمهوري) ومشافي (فلسطين) و(السحول)... وغيرها، تستقبل بشكل مستمر حالات الالتهابات التنفسية الحادة».
وشكك القيادي بالجماعة في مدى فاعلية وقدرة اللقاحات في القضاء على «كورونا المستجد»، في الوقت الذي عمدت فيه أغلب دول العالم إلى التعامل معها وتوفير كميات ضخمة منها بغرض تحصين مواطنيها وحمايتهم من مخاطر هذا الوباء.
وقال المعمم الحوثي مخاطباً المنظمات الدولية المعنية بتوزيع اللقاحات، إن جماعته لن تسمح بأن يكون السكان بمناطق سيطرتها حقل تجارب، مشيراً إلى وجود خلاف بين الجماعة والمنظمات حول فاعلية تلك اللقاحات من عدمها. كما زعم أنه لا يزال هناك خلل كبير في اللقاحات.
ورغم أن القيادي الحوثي شن في تصريحاته هجوماً حاداً على المنظمات الأممية واتهمها بـ«افتعال أكاذيب» حول فيروس «كورونا» وغيره من الأوبئة، فإنه سرعان ما عاود الاستنجاد بتلك المنظمات، مناشداً إياها سرعة تقديم الدعم للمشافي والمراكز الصحية الخاضعة للجماعة.
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اتهمت الانقلابيين في يونيو (حزيران) الماضي، بحجب المعلومات حول مخاطر «كورونا» وتأثيره، وتقويض الجهود الدولية لتوفير اللقاحات بالمناطق التي في قبضتهم، إلى جانب نشرهم معلومات مضللة حول الفيروس واللقاحات، وحجب كل البيانات عن الحالات والوفيات.
وفي منتصف أغسطس (آب) الماضي، نشرت وكالة أميركية تقريراً عن حجم تفشي «كورونا» شمال اليمن. وقالت إن مناطق سيطرة الميليشيات «تشهد موجة تفش ثالثة للوباء، فيما تتعامل السلطات الحوثية مع الوباء بإنكار صريح، لدرجة أن هذا الإنكار يهدد بمزيد من الخطر على الفئات الضعيفة بالفعل من السكان».
وكانت الحكومة الشرعية اتهمت في وقت سابق الجماعة بعدم السماح للمنظمات المقدمة للقاحات والفرق الصحية المحلية بمناطق سيطرتها بتنفيذ حملات التحصين لليمنيين بمختلف أعمارهم ضد الأمراض والأوبئة؛ من بينها الكوليرا والدفتيريا وحمى الضنك وشلل الأطفال والملاريا... وغيرها.
ومع إطلاق دعوات استغاثة للمنظمات الأممية لإنقاذ سكان مدن الحديدة وحجة وصعدة وريف صنعاء وعمران وإب ومناطق يمنية أخرى من تفشي بعض الأوبئة والأمراض، كشفت السلطات الصحية في تعز عن عودة تفشي وباء حمى الضنك واتساع رقعة انتشاره في أرياف ومركز المحافظة المحاصرة حتى اللحظة من قبل الانقلابيين.
وأكد عاملون صحيون بصنعاء في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً من الأوبئة والأمراض الخطيرة؛ منها «كوفيد19» و«الكوليرا» و«الخناق» و«شلل الأطفال» و«الحمّيّات» بأنواعها، عادت مجدداً إلى التفشي بشكل مقلق في مناطق سيطرة الجماعة.
وأشاروا إلى تسجيل مئات الإصابات بتلك الأمراض بالتزامن مع تدهور النظام الصحي والخدمات الطبية، بسبب الانقلاب والحرب التي أشعلتها الجماعة ومصادرتها عائدات ومقدرات الدولة لصالح استمرار عملياتها العسكرية.
وتحدثت مصادر طبية يمنية قبل أيام لـ«الشرق الأوسط» عن أن الموجة الثالثة من «كورونا المستجد» واصلت التفشي بشكل واسع في المناطق التي تحت سيطرة الميليشيات، وأن الوفيات بالمئات في ظل تجاهل الجماعة الوباء، وعدم سماحها بتوزيع اللقاح، وتخليها عن وسائل الحماية؛ بما فيه تفكيك مراكز العزل.
وأشارت إلى تصدر صنعاء العاصمة ومحافظة إب، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، قائمة مدن سيطرة الجماعة فيما يتعلق بحالات الوفيات والإصابات جراء «كورونا».