ازدادت حدة الانتقادات وتعالي الأصوات الغاضبة في المجتمع الدولي تجاه جماعة الحوثي في اليمن، وذلك كردّ فعل على الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني وانتشار مقاطع الإعدامات في العاصمة صنعاء مطلع الأسبوع الحالي، وهو ما ينافي الوعود والتصريحات الحوثية كافة بالتعاون مع الأطراف المعنية لإنهاء الصراع في البلاد.
وتأتي موجة الغضب الدولية من قبل المنظمات، والاجتماعات والندوات المصاحبة لمؤتمر الأمم المتحدة الـ48 لحقوق الإنسان، مع تزايد أيام الصراع اليمني، وعدم الوصول إلى حل في البلاد التي تعاني من الدمار والحرب منذ 7 أعوام، كما تعالت الأصوات الأميركية الناقدة على الإدارة الأميركية في تعاملها مع الأزمة اليمنية، مطالبة الإدارة بتغيير سياساتها وأدواتها لإحراز تقدم في إنهاء الصراع، عوضاً عن إطلاق بيانات الشجب والاستنكار.
تعالي الأصوات الناقدة عالمياً وأميركياً، بدأ يأخذ قبولاً واسع النطاق، وفي أميركا خصوصاً، امتد إلى صفوف الديمقراطيين أيضاً، ولم يقتصر على انتقادات الجمهوريين، فمن ناحية؛ يعتبر كثير من الجمهوريين أو المنتسبين إلى التيار المحافظ، أن تعامل الإدارة الأميركية مع الأزمة اليمنية مرتبط بالمشاورات في الملف النووي والعودة إلى التقارب مع طهران، لذا كان واضحاً تخفيف الضغط على جماعة الحوثيين، ومحاولة تقديم المحفزات للإيرانيين في سبيل إنجاح التفاوضات في فيينا.
في المقابل، اعتبر بعض الديمقراطيين أن الدبلوماسية والتعامل السياسي هو الأنجح في إنهاء الصراع باليمن، إلا أن الأدوات التي تستخدمها إدارة بايدن لم تأتِ بنتيجة، فيما يرى التقدميون في الحزب الديمقراطي الأكثر تشدداً إلى اليسار، أن الإدارة الأميركية لم تفعل ما يجب عليها أن تقدمه في سبيل إنهاء الأزمة الإنسانية، ووقف آلة الحرب.
هذه الفظائع والجرائم التي ترتكب في اليمن من قبل الميليشيات الحوثية، امتدت وازدادت سوءاً في وقت تفشي جائحة كورونا، ووفقاً لكثير من التقارير الإعلامية، فإن وكالات الإغاثة تعتقد أن وفيات «كوفيد 19» المعلن عنها في اليمن ليست حقيقية، وأن الأعداد الحقيقية للأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب الفيروس كبيرة، مع فشل مبادرة وقف إطلاق النار التي تقودها الأمم المتحدة، والتي روج لها المبعوث الأميركي الجديد، في إحراز أي تقدم، «وقد تكون أبعد من الإنعاش».
وترى إيلي كوهانيم نائبة مدير مكتب معاداة السامية في وزارة الخارجية سابقاً، التي تشارك في مؤتمرات حقوق الإنسان ضد انتهاكات الحوثي هذه الأيام في جنيف، أنه لسوء الحظ، لم تمت آيديولوجية الكراهية والحقد مع حسين الحوثي مؤسس الجماعة في اليمن، بل استمرت في الازدهار تحت قيادة شقيقه عبد الملك الحوثي على مرّ السنين، وتشمل الآن أيضاً تلقين الأطفال في اليمن بهذه الأفكار، حتى يصبحوا قنابل موقوتة.
وقالت كوهانيم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه وفقاً لتقرير عام 2021 الصادر عن «معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في المدارس»، فإن الحوثيين «جعلوا التعليم ركيزة أساسية في حملتهم لنشر نفوذهم في المنطقة اليمنية»، وإن هذه الآيديولوجية البغيضة النابعة من إيران، والتي ينشرها الآن وكيل إيران الحوثي، تهدف إلى خلق أعداء للشعب اليمني، في الوقت الذي لا يوجد هناك أعداء، وإنما دول وشعوب متعاطفة معهم من أجل إنهاء أزمتهم.
وأضافت: «لا بد أن نقف أمام هذه الكراهية والانقسام، أنا امرأة يهودية ولدت في إيران، ومثل الضحايا اليهود من الحوثيين الذين أجبروا على الفرار من وطنهم الحبيب والعريق في اليمن بعد آلاف السنين، اضطررت أنا وعائلتي أيضاً إلى مغادرة وطننا الحبيب ووطن فارس القديم الذي يُعرف اليوم بإيران، وميليشيات الحوثي التي تعتقل ليفي مرحبي ظلماً، لكن المجتمع الدولي يراقبهم، وسيتحمل الحوثيون ودولتهم الراعية إيران مسؤولية معاناة هذا الرجل اليهودي، والشعب اليمني أجمع».
بدوره، يقول دبلوماسي أميركي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة وضعت الكرة في ملعب الحوثيين، واستنفذت كثيراً من المحاولات والأدوات في تقارب وجهات النظر والوصول إلى حل سياسي، إلا أن الحوثيين اختاروا التصعيد على الدبلوماسية، ولا يريدون لهذه الحرب أن تنتهي.
وأكد الدبلوماسي (فضّل عدم الإفصاح عن هويته) أن المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ اتخذ كثيراً من الوسائل في إنهاء الصراع باليمن، عندما جدد المبادرة الأممية في وقف إطلاق النار، وإفساح المجال أمام الهيئات والبعثات الدولية الإنسانية لإيصال المساعدات، وكان هناك تقدم نوعاً ما في دخول المساعدات، إلا أن إطلاق النار لم يتوقف، ولم يحصل أي تنفيذ للوعود من الحوثيين.
وأضاف: «نؤمن أن الأزمة اليمنية لا بد أن يتم حلّها من اليمنيين أنفسهم، إلا أن ما يحدث في الوقت الحالي هو تصعيد للأزمة وزيادة معاناة الشعب الذي يقبع تحت آلة الحرب منذ أكثر من 7 أعوام، ويعيش حالة عدم الاستقرار والاضطراب منذ 10 أعوام حتى اليوم».
وكان تيم ليندركينغ، المبعوث الأميركي إلى اليمن، قال في ندوة مرئية بواشنطن حول الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمن، مطلع الشهر الحالي، سبتمبر (أيلول) ، إن هناك كثيراً من التقدم في العمل السياسي تم إحرازه، «لكن لا يزال هناك كثير من العمل الشاق»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة استطاعت بناء إجماع دولي غير مسبوق على حلّ الأزمة بطريقة لم يشهدها العالم على مدار الحرب، في ظل جهود إقليمية أقوى وأكثر اتحاداً وموحدة للقيام بذلك.