الشرعية تستنجد بالسعودية لوقف الانهيار الاقتصادي

تقارير وحوارات
قبل سنتين I الأخبار I تقارير وحوارات

لجأت الحكومة اليمنية كما كان متوقعا إلى قيادة المملكة العربية السعودية لوقف الانهيار المتسارع في الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي ينذر بكارثة إنسانية وتداعيات سياسية نتيجة فقدان العملة اليمنية المزيد من قدرتها الشرائية وفشل الحكومة اليمنية في إيجاد حلول اقتصادية ونقدية جذرية للحد من التدهور الحاصل.

 

وكشفت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية الأحد عن تسليم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رسالة للسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، موجهة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتتعلق بالوضع الاقتصادي في اليمن، في ظل التدهور المستمر للعملة اليمنية (الريال) وتصاعد الاحتجاجات والإضرابات التي قد تفاقم الوضعيْن السياسي والأمني.

 

وتمحورت الرسالة حول “العلاقات الأخوية الثنائية والمصيرية بين البلدين والشعبين الشقيقين في جوانبها المختلفة” و”الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن، إثر الحرب التي فرضتها الميليشيات الحوثية الإيرانية، وتداعياتها على أوضاع أبناء الشعب اليمني بصورة عامة”.

 

 

عبدالحميد المساجدي: على الحكومة إجراء الإصلاحات المطلوبة لاستعادة ثقة الشركاء

 

وبحسب ما ذكرته مصادر سياسية يمنية مطلعة لـ”العرب” فقد تضمنت الرسالة طلبا للحكومة السعودية بتقديم وديعة مالية جديدة إلى البنك المركزي اليمني لوقف انهيار الريال وتمكين رجال الأعمال من استيراد المواد الغذائية بناء على سعر الصرف الذي حدده البنك المركزي للريال اليمني أمام العملات الأخرى.

 

وأشارت هذه المصادر إلى أن الرئيس هادي أقدم على هذه الخطوة بعد تلويح عدد من أعضاء الحكومة والمكونات المشاركة لها بسحب وزرائهم، وهو ما يهدد بتعطيل مؤسسات الشرعية التي تعمل بالحد الأدنى نتيجة استمرار التوتر السياسي وفشل استكمال اتفاق الرياض.

 

وربط مراقبون يمنيون بين توقيت البيان الذي صدر قبل أيام من قبل اثنين من أبرز قيادات الشرعية اليمنية، وهما رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر ونائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري، وبين طلب الدعم السعودي. وهي طريقة لفت المراقبون إلى أنها تكررت بطرق مختلفة قبل كل طلب من هذا النوع والذي عادة ما تسبقه تصريحات معادية للتحالف العربي ومطالبة بإعادة النظر في العلاقة بينه وبين الشرعية دون أن تترتب على هذه المواقف أي إجراءات من قبل قيادة الشرعية المقيمة في الرياض.

 

وفي تصريح لـ”العرب” قال المحلل الاقتصادي اليمني عبدالحميد المساجدي تعليقا على رسالة الرئيس هادي إلى ولي العهد السعودي “أعتقد أن رسالة الرئيس هادي حتى ولو كانت على شكل مناشدة تأتي في إطار الضغط على القيادة السعودية لدعم البنك المركزي اليمني بوديعة جديدة دون إجراء أي إصلاحات اقتصادية”.

 

وأضاف المساجدي “المملكة العربية السعودية بلا شك عليها واجب أخوي تجاه اليمن خاصة في ظل هذه الأوضاع لكن الموضوع ليس وليد اللحظة وسبق للسعودية أن دعمت اليمن بوديعتين من قبل، إضافة إلى منحة مالية ومكرمة خاصة بالمشتقات النفطية، إلا أن الخروقات التي رافقت عملية صرف الوديعة السعودية الثانية والتي كان جزء كبير منها في إطار تصفية الحسابات داخل أروقة الشرعية وصراع مراكز القوى ما عادت تشجع الشركاء على الإقدام على خطوة جديدة بالدعم، خاصة إذا لم تتغير الأوضاع عما كانت عليه”.

 

وتابع “هناك فساد آخر حصل في مسألة توزيع منحة المشتقات النفطية حيث أثبتت المعلومات المؤكدة أن قيمة مبيعات الكهرباء خلال فترة المنحة الخاصة بالوقود لم تصل إلى نصف قيمة منحة الوقود وما تم توريده لا يوازي خمسة في المئة من المبيعات، لذلك على الحكومة مراجعة طريقة إدارتها للملف الاقتصادي وإجراء الإصلاحات المطلوبة لاستعادة ثقة الشركاء”.

 

وعلى صعيد آخر كشف بيان للجنة الأمنية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن عن نتائج التحقيقات المتعلقة بعدد من التفجيرات ومحاولات الاغتيال التي شهدتها عدن في الآونة الأخيرة.

 

 

وضاح العوبلي: بيان الأجهزة الأمنية في عدن يضع النيابة والجهات القضائية أمام مسؤولياتهما

 

وكشف البيان الأمني عن نتائج التحقيقات في الحادثتين الإرهابيتين، الحادثة التي استهدفت موكب محافظ العاصمة عدن بمنطقة حجيف التواهي والتفجير المحاذي لبوابة مطار عدن بمدينة خور مكسر، واللتين خلصت التحقيقات إلى وقوف خلايا ممولة من الحوثي خلفهما.

 

وفي تصريح لـ”العرب” حول بيان اللجنة الأمنية في عدن وصف الباحث السياسي اليمني سعيد بكران البيان بالمهني، مشيرا إلى أنه “أعطى صورة عن جهود كبيرة قامت بها الأجهزة الأمنية في عدن رغم كل الظروف الصعبة، وهي جهود تستحق الثناء والدعم، كما قدم البيان بالأدلة والأسماء صورة عن التنسيق الحوثي مع الجماعات الإرهابية وخاصة تلك التي تتخندق عناصرها في تشكيلات تتبع الشرعية”، إضافة إلى أن هذا البيان “نقطة تحول في جهود مكافحة الإرهاب”.

 

ومن جهته أكد المحلل العسكري اليمني وضاح العوبلي في تصريح لـ”العرب” أن “كل القضايا الأمنية التي حصلت خلال الأعوام الماضية بحاجة إلى بيانات مشابهة”، مشيرا إلى أن “الجهات الأمنية كانت ومازالت تتعرض لضغط شعبي كبير، وأصبحت مثل هذه القضايا تمثل قضايا رأي عام، وينبغي إعلام الشعب بنتائج الإجراءات والتحقيقات التي وصلت إليها”.

 

وتابع “بيان الأجهزة الأمنية في عدن، بما احتواه من مواد توثيق مصورة للمتهمين، يضع النيابة والجهات القضائية أمام مسؤولياتهما، ويمثل نقطة تحول أمني كبير تشهده عدن والمحافظات المحررة لأول مرة منذ سبع سنوات”.

 

وعن توقيت ودلالات البيان أضاف العوبلي “أعتقد أن إعلان نتائج التحقيق يمثل بداية لمكاشفة ومصارحة الشعب والأطراف الداخلية، مفادها: لن نظل صامتين عما يحدث، أو نترك الناس ضحايا للفعل ورد الفعل، وأنه لا بد أن يتم فتح المجال للإجراءات القانونية والأمنية والقضائية، وأنه على كل من دعم وخطط ومول ونفذ أن يتحمل وزر ما ارتكبه وفقا للقانون”.

وأشار العوبلي إلى أن البيان بمثابة “تحول إيجابي يخرج العمل الأمني من حالة الملشنة إلى العمل المهني والمؤسساتي”.