بعد أن صادرت الميليشيات الحوثية ممتلكات الآلاف من المعارضين والسياسيين، وأصدرت أحكاماً بإعدام العشرات من قادة الدولة اليمنية مدنيين وعسكريين انتقلت إلى ابتزاز عائلات المعارضين الذين ليس لهم ممتلكات، وطلبت منهم تحرير وثائق تبرؤ منهم خلال مدة شهرين، وهددت الميليشيات العائلات بأنها إذا لم تتمكن من إعادة أبنائها المعارضين، فإنه سيتم استباحة دمائهم وأي نصيب لهم مما تركه آباؤهم أو أمهاتهم.
مصادر في أوساط السياسيين والناشطين المقيمين في الخارج وفي مناطق سيطرة الحكومة الشرعية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات الحوثي طلبت من أسر المعارضين سواء كانوا سياسيين أو صحافيين أو ناشطين أو عسكريين تحرير وثائق بالبراءة منهم، ومنحتهم شهرين لإقناعهم بالعودة إلى مناطق سيطرتها، ما لم ستصبح الوثائق نافذة بما تعنيه من استباحة دمائهم وأي ممتلكات قد يحصلون عليها مما تركه آباؤهم، أو إذا تبين وجود أي ممتلكات تخصهم لم تتمكن الميليشيات من الوصول إليها خلال السنوات الماضية.
وبحسب المصادر، فإن الميليشيات الحوثية استحدثت مكاتب استخباراتية في الأحياء السكنية بالذات في صنعاء أصبحت تعرف بـ«دكان أنصار»، وأن مهمة المكتب إلى جانب مراقبة حركة السكان وأنشطتهم والقادمين إلى تلك الأحياء حصر الممتلكات والإشراف على توزيع الغاز المنزلي وتوزيع التركة بين أفراد الأسر.
وذكرت المصادر أن عناصر الميليشيات في تلك المكاتب قاموا باستدعاء أسر المعارضين، وطلبت منهم كتابة إقرار موقع من قبل جميع أفراد الأسرة ومعتمد من مسؤول الحي ومكتب مخابرات الحوثيين، وطلبوا من الأسر ملاحقة أبنائها للعودة إلى مناطق سيطرة الميليشيات خلال مدة لا تتجاوز الشهرين، وإذا لم يتم ذلك فسيبدأ سريان إجراءات إسقاط حقهم في الميراث والبحث عن أي ممتلكات حتى وإن سُجّلت بأسماء آخرين.
وقال أحد الضحايا لـ«الشرق الأوسط» إنه أبلغ أسرته بقبول طلب الميليشيات وتوزيع تركة والدهم، وإسقاط حقه، لتجنب أن تقوم الميليشيات بمصادرتها، بحجة أن أحد أفراد الأسرة يعمل مع الحكومة الشرعية.
وذكر ضحية آخر أنه وبعد وساطات من شيوخ قبائل وافقت ما تسمى المنظومة العدلية التي استحدثتها الميليشيات، ويقودها محمد علي الحوثي، على السماح لأسرته بتوزيع التركة دون منحه نصيبه فيها، بعد أن أكدوا خطياً أنهم تبرأوا منه، خصوصاً أن والده كان يمتلك مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والمباني في صنعاء.
ووفق ما ذكره أحد المغادرين حديثاً من العاصمة اليمنية المحتلة من الميليشيات لـ«الشرق الأوسط»، فإن المدينة أضحت سجناً كبيراً، وقادة الميليشيات وحدهم من يمتلكون مباني جديدة ومراكز تجارية حديثة، وأنهم رفعوا أسعار الأراضي إلى مبالغ خيالية وصلت إلى مليارات الريالات.
وقال إن ما تُسمَّى المنظومة العدلية أصبحت الأداة الفاعلة للميليشيات لمصادرة أملاك المعارضين، ومنح مساحات كبيرة جداً من الأراضي المملوكة للدولة لقادة الميليشيات، حيث منعت إجراء أي عملية بيع أو شراء، إلا بعد موافقة مسبقة من جهاز الأمن والمخابرات والمنظومة العدلية للتأكد من أن الأرض أو المبنى لا تعود ملكيته لأي معارض، أو أن مالكها الأصلي قد باعها لشخص آخر، وبالتالي فإنهم يعتبرون المشتري متآمراً ويُقاد إلى السجن، مؤكداً أن المشرفين الحوثيين باتوا وحدهم القادرين على شراء ممتلكات المعارضين، عبر سماسرة، وبمبالغ زهيدة لا تساوي نصف قيمتها الفعلية.
إلى ذلك قال أحد المعارضين إنه، وبعد أن تمت مصادرة الفيلا التي يمتلكها في منطقة فج عطان غرب صنعاء، اضطر إلى تحرير توكيل لبيع مساحة كبيرة من الأرض كان يملكها في المدينة لأحد السماسرة، الذي بدوره أتم عملية البيع لأحد المشرفين بنصف قيمتها الفعلية.
وأضاف: «بدلاً أن يصلوا إليها ويصادروها فضلت الحصول على أي مبلغ، موضحاً أن الميليشيات وعبر ما أقدمت عليه من تغيير محرري وثائق البيع والشراء، والسيطرة على مصلحة السجل العقاري وهيئة أراضي وعقارات الدولة، وهيئة الأوقاف، تقوم بمراجعة ملكيات العقارات، لمعرفة أسماء المعارضين لمصادرتها، كما قامت بانتزاع ملكية مساحات واسعة في صنعاء من أشخاص كانوا قد بنوا فيها مساكن منذ عشرات السنين، وبحجة أن تلك الأراضي تتبع الأوقاف.