يبادر شباب يمنيون إلى إطلاق مشاريع صغيرة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة بسبب الحرب المستمرة. ويقدم الكثير من المنظمات والهيئات مساعدات لتأسيس هذه المشاريع بغرض توفير سبل العيش لقطاع واسع من الشباب والفتيات في اليمن، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والأوضاع المتفاقمة التي رمت المئات من متخرّجي الجامعات اليمنية إلى البطالة، الأمر الذي سبب الكثير من الأعباء النفسية والمعيشية لغالبية الأسر اليمنية.
وتهدف هذه المشاريع إلى رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للعاملين وتطوير أنواع الإنتاج، إضافة إلى تفعيل الدورة الاقتصادية والحراك المجتمعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحسين بيئة الأعمال من خلال الالتزام والمسؤولية المجتمعية تجاه الشباب.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في اليمن وارتفاع معدلات البطالة والعاطلين من العمل، بسبب استمرار الحرب التي شنتها الميليشيات الحوثية في آذار (مارس) 2015، برزت مشاريع شبابية صغيرة مكّنت الشبّان والفتيات من إيجاد مساحة آمنة وفرص عمل لهم، ولو بسيطة بحسب الظروف المتاحة.
أبو أحمد أسامة أحمد، شاب يمني استطاع التغلب على الواقع الذي فرضته الحرب، ولم يرضخ ككثير من شباب اليمن المشتتين بين التجنيد في جبهات القتال أو العاطلين من العمل في المنازل.
تمكّن أسامة من خلال مشروعه الصغير من تحويل قطع أخشاب الطبليات التالفة إلى غرف نوم وجلوس وتحف في منازل المواطنين، ويحكي لـ"النهار العربي" كيف بدأ بفكرة تجميع أخشاب الطبليات: "حاولت الاستفادة منها وتحويلها الى غرف نوم ومجالس وتحف تزين منازل اليمنيين، وذلك بعد تخرجي من الجامعة، حيث لم أجد وظيفة ملائمة، وفوجئت بالواقع المرير مع استمرار الحرب".
أضاف: "عانيت كثيراً وواجهت صعوبات جمة في هذا المشروع الصغير بسبب التنمر والسخرية من طريقة تجميع بقايا أخشاب الطبليات، وكيف يستطيع شاب مثلي تحويلها الى مجالس وغرف نوم تغري الزبائن لشرائها".
وتابع: "بعزيمة وإصرار كبيرين، حيث كان الفضل لوالدي وزوجتي في دعمي وتشجيعي على الاستمرار، استقر عملي في هذا المشروع الصغير الخاص حتى ذاعت شهرتي في كل المحافظات اليمنية، والطلب على منتجاتي صار كبيراً ولم أكن أتوقعه".
وختم أسامة بدعوة كل الشباب الحائرين بين جدران منازلهم، ويشعرون بالعزلة بسبب هذه الحرب، أن يبحثوا عن عمل ويفكروا بمشاريع للخروج من حالة الإحباط.
لم يكن الشاب أسامة أبو أحمد الوحيد الذي امتلك مشروعاً صغيراً ناجحاً، بل هناك العشرات من الشباب اليمنيين حاولوا التغلب على عزلتهم وعلى البطالة وإنشاء مشاريع صغيرة. ففي العاصمة اليمنية الموقتة، عدن، تسعى بعض المنظمات والهيئات المجتمعية لمساعدة الشباب وشحذ قدراتهم ودفعهم نحو تأسيس مشاريع صغيرة.
سماح جمال، فتاة عدنية سطع نجمها في مجال صناعة منتجات العناية بالبشرة. تقول خريجة كلية الطب في جامعة عدن لـ"النهار العربي" إنها بدأت بمشروعها الصغير "العناية بالبشرة" من خلال تجميع المواد اللازمة، وتحضير المنتجات التي تهتم بالبشرة والشعر، وذلك لشغفها ومبالغتها في الاهتمام بالبشرة.
بدأت سماح بتحضير منتجاتها وتوزيعها على الفتيات والأقارب حتى يتم التأكد من مدى جودتها وفاعليتها، حتى استطاعت تكوين اسم لها بين منتجي العناية بالبشرة.
تقول: "بدأت بتوزيع مستحضراتي عن طريق إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأحياء القريبة لسكني، وقد اقتنع الجميع بجودة هذه المستحضرات، وزاد الطلب عليها كثيراً، إلى أن تمكنت من إنشاء معمل خاص لإنتاجها".
وهكذا تتغلّب العزيمة الفردية لمواجهة متاعب الحياة على الاستسلام للأمر الواقع وسلبياته.