رغم نفي إيران الاتهام بالدعم العسكري لميليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، ظهر دليل جديد عن تعاون الحوثيين مع داعميهم الرئيسيين في إيران، يسلط الضوء من جديد على نهج طهران في التوجيه الفعال، لأنشطتهم الإرهابية.
ويقول المحلل السياسي والباحث البريطاني كون كوفلن، أحد كبار زملاء معهد غيتستون الأمريكي، ومحلل شؤون الدفاع في صحيفة "الديلي تليغراف" البريطانية، إن علاقات إيران مع الجماعة الإرهابية في اليمن أصبحت محل تدقيق متجدد بعدما شن الحوثيون سلسلة هجمات، غير مبررة، على الإمارات في الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة ستة آخرين.
وأضاف كوفلن في تحليل نشره معهد غيتستون أن خبراء الأمن في المنطقة، قالوا إن الحوثيين استخدموا صواريخ إيرانية الصنع في هجماتهم التي استهدفت أبوظبي، ومنشأة نفطية رئيسية.
وظهر دليل جديد الآن بالتفصيل كيف زار مسؤولون حوثيون رفيعو المستوى إيران قبل وقت قصير من الهجمات، ما يشير إلى أن إيران كان لها دور رئيسي في المساعدة على التخطيط للهجمات، وتنفيذها.
ووفقاً لمعلومات استخباراتية حصل عليها مسؤولو أمن غربيون، زار مسؤول حوثي رفيع المستوى العاصمة الإيرانية قبل وقت قصير من الهجمات على الإمارات.
وأفادت المعلومات بأن المسؤول الحوثي، الذي يتمتع بصلات وثيقة مع قادة العمليات الإرهابية في الجماعة، عقد اجتماعات مع عدد من مسؤولي النظام الإيراني رفيعي المستوى، وبينهم الرئيس إبراهيم رئيسي، وأمين مجلس الأمن القومي الأعلى على شمخاني، ومع كبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، وفيلق القدس.
وقال مسؤول أمني غربي، رفيع المستوى: "هناك دليل متزايد على تعزيز التعاون بين إيران والحوثيين، خاصة إمداد إيران الحوثيين بأسلحة متقدمة، مثل الصواريخ والطائرات دون طيار".
وأضاف كوفلن في تحليله، أن الدليل يتزايد على أن إيران تدرب وتسلح الحوثيين، التي تصنفهم دول عديدة منظمة إرهابية، بعدما اعترضت قوات أمن خليجية، مدعومة من الولايات المتحدة، عدداً من الزوارق الإيرانية، التي كانت تحاول تهريب أسلحة إيرانية الصنع إلى الحوثيين.
وظهرت الآن تفاصيل تشير إلى أن الأسلحة التي استخدمت في الهجمات على الإمارات، إيرانية الصنع.
وتتضمن هذه الأسلحة صواريخ كروز 351 إيرانية الصنع، والتي يقدر مداها بألف كيلومتر واستخدمت في الهجوم واسع النطاق الذي شنه الحوثيون على منشآت شركة آرامكو السعودية للنفط في 2019.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، صادرت الولايات المتحدة سفينة كانت تحاول تهريب أسلحة من إيران إلى اليمن، كان بينها صواريخ أنتجت في إيران خصيصاً للحوثيين.
وأوضح كوفلن أن الدليل المتزايد على دور إيران في توجيه العمليات الإرهابية التي ينفذها الحوثيون ضد حلفاء رئيسيين للولايات المتحدة، مثل الإمارات، يثير تساؤلات جديدة عن هوس إدارة الرئيس جو بايدن الواضح بإحياء اتفاق نووي "معيب" أبرم مع إيران في 2015.
ويتساءل الكثير من الحلفاء الخليجيين الرئيسيين لأمريكا، مثل الإمارات، عن سبب إصرار واشنطن على التودد لآيات الله في طهران، بدل التركيز على حماية مصالح حلفائها في الشرق الأوسط على المدى الطويل، ويودون أن تتبنى واشنطن نهجا أكثر صرامة في تعاملاتها مع طهران.
وأوضح كوفلن أن الدليل الجديد الذي يسلط الضوء على تورط طهران مع الحوثيين، سيضيف ضغوطاً مجددة على واشنطن لزيادة دعمها العسكري لحلفائها الرئيسيين في منطقة الخليج لحمايتهم من التهديد المتزايد من طهران وحلفائها.
وذكر كوفلن أنه، على أقل تقدير، تحتاج إدارة بايدن إلى تركيز طاقتها على أمرين، مواجهة الشبكة الإرهابية للحوثيين، وتوفير الحماية للحلفاء الخليجيين التي يحتاجون إليها للدفاع عن أنفسهم ضد هجمات الحوثيين.
وعقب هجمات الشهر الماضي، جدد مسؤولون إماراتيون رفيعو المستوى دعوتهم لإدارة بايدن لتعيد إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، والذي كانت رفعته بعد وقت قصير من تولى الرئيس بايدن مقاليد السلطة في العام الماضي في بادرة حسن نوايا تجاه إيران.
ومنذ ذلك الحين، أعلن مسؤولون أمنيون خليجيون زيادة كبيرة في هجمات الحوثيين. وحتى الآن، قاومت إدارة بايدن دعوات لإعادة تصنيف الحوثيين إرهابيين .
ولكن في ظل تزايد المخاوف على أمن الخليج، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها نشرت طائرات مقاتلة طراز إف 22-رابتور في الإمارات أخيراً في إطار رد دفاعي أمريكي على الهجمات الصاروخية الأخيرة للحوثيين.
واستطرد كوفلن أن التوترات المتزايدة، التي تسببت فيها الزيادة الأخيرة في النشاط الإرهابي للحوثيين، أثارت أيضاً تساؤلات عن الآفاق المستقبلية لاتفاق نووي بين إيران والقوى العالمية حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.
وأعرب دبلوماسيون غربيون مشاركون في المحادثات الجارية في فيينا، عن استيائهم من الوتيرة البطيئة للمحادثات، واتهموا طهران بالمماطلة لكسب الوقت.
واختتم كوفلن تحليله بالقول إنه نظرا لظهور دليل جديد على تورط إيران الخبيث في دعم النشاط الإرهابي بالشرق الأوسط، والذي يتزايد يوماً بعد آخر، فإن احتمالات التوصل لاتفاق نووي جديد تصبح أكثر بعداً.