خبراء دوليون: تداعيات خزان صافر العائم مصدر قلق عالمي

محليات
قبل 3 سنوات I الأخبار I محليات

منذ خمس سنوات من انقلابها على السلطة الشرعية، تقوم ميليشيا الحوثي المتمردة باحتجاز ناقلة النفط العائمة (خزان صافر) في مياه البحر الأحمر, في موقع قريب ومتصل بميناء مدينة الحديدة الاستراتيجي.

ويرى مراقبون وخبراء متخصصون أن المخاوف المثارة بخصوص تسرب وانفجار خزان صافر النفطي العائم هو أمر حقيقي، وليس مجرد فبركات عابرة، فالناقلة العائمة في مياه البحر الأحمر منذ خمس سنوات والتي تحمل على متنها أكثر من مليون برميل من النفط داخل خزان عائم لم تخضع للصيانة منذ أكثر من عشر سنوات، وتكشف التقارير الأخيرة ومنها تقرير صادر عن وكالة اسوشيتد برس عن حالات تسرب للنفط من داخل الخزان بعد أن بدأت مياه البحر المالحة تغزو بالتدريج بعض أجزاء الناقلة.

ويستمر المتمردون الحوثيون في احتجاز السفينة رهينة منذ ذلك الحين، إلى جانب السيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً. خبراء منظمة المجلس الأطلسي للطاقة نشروا على صفحة المنظمة تقريرا يحلل بشكل تفصيلي النتائج الكارثية التي يمكن أن يتسبب بها خزان صافر العائم في حالة خروجه عن الخدمة نتيجة الإهمال الذي تسببت به ميليشيا الحوثي الإنقلابية, وتأثيره المحلي والعالمي على تدفق التجارة البحرية وما سيتعرض له الشعب اليمني من الانعكاسات السلبية والتي أهمها – كما جاء في التقرير الذي ترجمه “سبتمبر نت”- أسوء مجاعة وقد يفقد العالم عددا من مصالحه الحيوية والاستراتيجية التي لا يمكن تعويضها.

خبراء الطاقة في المجلس الأطلسي

منذ أكثر من عام، تقوم شركة آي آر كونسيليوم ، التابعة لمركز الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي- وهي شركة استشارية عالمية مملوكة في مجال أمن الملاحة البحرية والموارد- برصد الوضع الكارثي المحتمل الذي ينطوي عليه خزان صافر، وهي ناقلة تم تحويلها إلى منشأة تخزين وتفريغ عائمة قبالة سواحل اليمن، ويحاول مجموعة من خبراء شركة آي آر كونسيليوم، على تحفيز العمل بشأن هذه المسألة قبل أن تصل إلى نتيجة كارثية. وقد فصل أحدث تحليل قام به خبراء الآثار البيئية والإنسانية والاقتصادية النتائج الكارثية المحتملة في حالة تسرب كميات من نفط الناقلة التي تتدهور بسرعة ويحتمل أن تنفجر، بعد أن أصبحت ورقة مساومة للمتمردين الحوثيين.

يرى الخبراء أن تلوث محطات تحلية المياه الساحلية بالنفط المتسرب، سيحرم ملايين اليمنيين من مياه الشرب النظيفة، هو مجرد واحدة من العواقب التي يمكن أن تتكشف ما لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة.

وكانت الامم المتحدة حصلت قبل أشهر موافقة المتمردين الحوثيين، في السماح لفريق من الأمم المتحدة بالصعود على متن السفينة، وإجراء تفتيش، ويفترض أن يقدموا توصيات حول أفضل السبل لاستعادة السفينة السلامة الوظيفية أو تأمين أكثر من مليون برميل من النفط في خزاناتها. لكن المتمردون الحوثيون بعد ذلك سحبوا موافقتهم وظلوا بين التذبذب واللعب على المجتمع الدولي بورقة الناقلة.

وكان الخبراء يأملون في ذلك الوقت أولا تجنب حدوث كارثة من التسرب النفطي الكبير وثانيا تجنب حدوث كارثة للإنسان. وإذا لم يتم التعامل مع التحدي الأول بسرعة وبشكل كاف ، فإن التحدي الثاني سيكون موضع جدل.

صور عن قرب

وأورد الخبراء مجموعة من الصور التي تم التقاطها للسفينة والتي توضح مدى الضرر الذي سببه الإهمال والتآكل على جسم الناقلة. وتظهر الصور كذلك تسرب النفط عبر الأنابيب التي أصابها الصدأ في جسم الناقلة. كما تسربت كميات من النفط عبر خرطوم التفريغ في المياه المحيطة. ويكشف هيكل السفينة عن حاجته الملحة للصيانة. وتوفر الصور التي التقطت للناقلة بعض المعلومات الأولية لما سيجده فريق الأمم المتحدة على متن السفينة؛ فيما إذا سمح الحوثيون أخيرا بإنقاذ الناقلة.

قنبلة ضخمة موقوتة

يؤكد الخبراء في شركة آي آر كونسيليوم, تحول ناقلة صافر لتخزين وتفريغ النفط, والعائمة في مياه البحر الأحمر إلى قنبلة ضخمة موقوته قادرة على الانفجار بسبب محتوياتها ونقص الصيانة. ويزداد خطر الانفجار يوما بعد يوم، وإذا حدث ذلك، فإنه لن يؤدي فقط إلى إلحاق الضرر وإغراق أي سفن في المنطقة المجاورة، بل أن مثل هذا الانفجار سيخلق أزمة بيئية تبلغ مساحتها تقريبا أربعة أضعاف ونصف الحجم من حجم تسرب النفط من نوع إكسون فالديز. ففي 24 مارس (آذار) 1989، حدثت أكبر كارثة بحرية في التاريخ عندما جنحت ناقلة النفط «إكسون فالديز» وغرقت قرب سواحل ألاسكا، وتسرب منها 11 مليون غالون نفط خام في المحيط.

فريق الخبراء أوضح أن السلطات اليمنية الممثلة بالحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وفي عدة مناسبات, كانت قد ناشدة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتقديم المساعدة العاجلة للحد من هذا التهديد في عرض البحر، لكن ذلك لم يلاقي حتى اللحظة أي استجابة سريعة وفعلية والقنبلة لا تزال طافية على مياه البحر وتحت سيطرة ميليشيا الحوثي.

وكما يؤكد الخبراء أنه ونظراً لأن المتمردين الحوثيين قد حاولوا بالفعل تفجير عدة ناقلات نفط تشق طريقها عبر باب المندب والبحر الأحمر، فقد يكون من الواضح أنهم ينظرون إلى هذا الوضع الهش على أنه ميزة تكتيكية واستراتيجية تستحق الحفاظ عليها.

وبحسب الخبراء, إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لتحييد هذه القنبلة، فقد يشهد الاقتصاد العالمي اضطراباً كبيراً في تدفق التجارة البحرية، وقد يتعرض الشعب اليمني لأسوأ مجاعة منذ أكثر من قرن، وقد يفقد العالم عددا من مصالحه الحيوية والاستراتيجية التي لا يمكن تعويضها، وهذا ما يجعل هذا الموضوع ليس شأناً محلياً، بل هو مصدر قلق عالمي حقاً.