غيرت جائحة كورونا المفاهيم، وهي في طريقها لإعادة تشكيل كل شيء حول العالم، فدول فقيرة تسرع الخطوات نحو مجاعات تهدد بقتل الملايين، بينما تتصدر دول آسيوية الريادة متعكزة على إخفاقات غربية وأمريكية.
هذه الملفات أثارت اهتمام صحف عالمية صادرة، اليوم الجمعة، تحدثت أيضا عن مواجهة اليابان أزمة مع شيخوخة سكانها، وهي صاحبة أعلى نسبة مسنين في العالم، وتتنامى تجارة الذهب السرية في دول النزاعات.
مجاعات قد تقتل الملايين
تناولت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية، تحذيرات من أن المجاعات التي سببتها أزمة كورونا قد تقتل ملايين الأشخاص حول العالم، وليس المرض نفسه الذي قتل نصف مليون إنسان حتى الآن.
وأدى غلق الحدود وحظر التجول والقيود المفروضة على السفر إلى تعطيل الإمدادات الغذائية والدخل في البلدان ذات الاقتصاد الهش بالفعل، مما ترك مليون شخص إضافي في مواجهة المجاعة في أفغانستان، وزاد من الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث يعيش ثلثا السكان بالفعل في الجوع.
وأفاد تقرير صادر عن جمعية أوكسفام الخيرية بارتفاع عدد الأشخاص المعرضين للمجاعة في أفغانستان من 2.5 مليون في سبتمبر الماضي إلى 3.5 مليون في مايو، نتيجة إغلاق الحدود والانكماش الاقتصادي في إيران المجاورة التي تسببت في انخفاض تحويلات العاملين المغتربين.
وتوقعت ”أوكسفام“ وفاة حوالي 12 ألف شخص يوميا حول العالم جراء الجوع، أي 6 أضعاف الوفيات المتأثرة بمرض كوفيد-19 كل يوم.
وإلى جانب أفغانستان، حذرت المؤسسة الخيرية من إقبال اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية وفنزويلا وغرب منطقة الساحل الأفريقي وإثيوبيا والسودان وجنوب السودان وسوريا وهايتي على المجاعات.
وقال داني سريسكانداراجاه، الرئيس التنفيذي للجمعية: ”إن تأثير كورونا أجج أزمة الفقر والجوع في الدول الفقيرة بالفعل، ولذلك على الحكومات التي تحاول احتواء انتشار المرض الفتاك، أن تسعى أيضا لمنع المجاعات التي قد تقتل عددا أكبر من الناس“.
فجر عصر آسيوي جديد
في هذا السياق، تحدثت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية، عن الجانب الإيجابي لأزمة كورونا على دول آسيوية، والتي وصفته بـ“فجر عصر آسيوي جديد“ بدأت ملامحه مع إحراز دول هذه القارة تقدما كبيرا في احتواء الفيروس، وإخفاقات عديدة للقيادة الأمريكية، التي انسحبت من منظمة الصحة العالمية بدلا من قيادة الجهود العالمية لاحتواء الوباء.
ورأت الصحيفة أن النجاحات الآسيوية سلطت الضوء على الإخفاقات الأوروبية والأمريكية، حيث قدمت كوريا الجنوبية مقصورات لإجراء الاختبارات العشوائية لكورونا في جميع أنحاء البلاد، ثم استخدمت سجلات بطاقات الائتمان وبيانات الموقع من الهواتف المحمولة لتتبع تحركات الأشخاص المصابين، وهو أسلوب فشلت بريطانيا في إتقانه بعد شهور من الجهد.
كما كان أداء دول شرق آسيا الأخرى مثل تايوان وسنغافورة أفضل بكثير في احتواء الفيروس منذ البداية.
وبشرت المواجهة بين القوات الهندية والصينية في جبال الهيمالايا بظهور انقسام جديد في القرن الحادي والعشرين يفصل بين القوتين النوويتين، وحفزت التهديدات الصينية للمجتمعات الحرة في هونغ كونغ وتايوان الدعم في جميع أنحاء الغرب.
وبرزت الصين كقوة عظمى أكثر منذ انتشار الوباء الذي قِيل إنه نشأ في ووهان، إلا أن ذلك لم يمنع بكين من تصوير نفسها كرائدة الاستجابة العالمية، وبديل أكثر موثوقية للولايات المتحدة.
الشيخوخة تهدد اليابان
أما صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية، فقد قالت إن اليابان، التي تعتبر صاحبة أعلى نسبة من المسنين في العالم، باتت في خطر كبير مع شيخوخة سكانها وتغير المناخ الذي أثار أمطارا غزيرة مؤخرا؛ مما تسبب في فيضانات قاتلة وانهيارات طينية في دولة بها العديد من الأنهار والجبال.
ويهدد الطقس السيئ المصاحب لتغير المناخ في العادة السكان الأكبر سنا، مما يترك اليابان أمام تحدٍ آخر.
أما دور التمريض، لا سيما تلك التي لديها عدد قليل من الموظفين بسبب وباء كورونا، فيواجه تحديات خاصة بسبب صعوبة إجلاء المسنين والضعفاء في خضم الكارثة.
وأغرقت الأمطار هذا الأسبوع حوالي 50 شخصا فوق سن الـ65 في دار رعاية في كيوشو، حيث أمرت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية أكثر من مليون شخص داخل محافظتي كوماموتو وكاغوشيما بالإخلاء.
وقبل عامين، عندما قتلت الفيضانات والانهيارات الأرضية 237 شخصا في 14 محافظة في غرب اليابان، كان حوالي 60% منهم فوق سن الـ 65 عاما.
من جانبه قال كينيشي تسوكاهارا، الأستاذ في مركز أبحاث الحد من مخاطر الكوارث في جامعة كيوشو: ”الآن مع تقدم شيخوخة اليابان وازدياد شدة هطول الأمطار عاما بعد عام، نواجه أزمة مزدوجة“.
ويضيف كورونا إلى التحديات، حيث يخشى العديد من السكان المسنين مغادرة منازلهم أثناء الكوارث الطبيعية والذهاب إلى مراكز الإخلاء المزدحمة، حتى لا يتعرضون لخطر الفيروس.
ازدهار تجارة ذهب سرية تحت ستار كورونا
صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية، أشارت من جانبها إلى تقارير للأمم المتحدة تفيد بازدهار تجارة ذهب سرية، ووصولها إلى حوالي 100 مليون دولار شهريا بسبب وباء كورونا.
وتقول الصحيفة إن مهربي الذهب في أماكن الصراع، والذي يُحظر بيعه في الظروف الطبيعية لمنع تمويل النزاعات الدموية المحلية، استغلوا إغلاقات وباء كورونا، لشق طريق جديد لتهريب المعدن الأصفر.
وفي الأشهر الأخيرة، جرى تهريب كميات قياسية من الذهب المستخرج من المناجم في مناطق الصراع في شرق الكونغو، عبر الحدود التي يسهل اختراقها مع أوغندا، حيث يتم ختمها بشهادات مزورة قبل شحنها إلى الأسواق الدولية، وفقا لمسؤولي الأمن الأوغنديين والمهربين والتجار.
ويستغل المهربون ستار كورونا، حيث يصل معظم الذهب إلى الأسواق الخارجية باستخدام طائرات شحن عائدة من أوغندا بعد نقلها مساعدات كوفيد-19 وغيرها من الإمدادات الأساسية.
وقال فريد إنانجا المتحدث باسم الشرطة الأوغندية: ”لقد تطورت أعمال التهريب في الأشهر الأخيرة، ونحن نبذل قصارى جهدنا لضمان ألا يستخدم المهربون حدودنا ومطارنا كقناة لتهريب الذهب“.
ولا تعتبر تجارة ذهب مناطق النزاع جديدة، ولكن يبدو أن كورونا قد جعلها مربحة أكثر من أي وقت مضى، إذ انخفضت أسعار الذهب في المناجم الكونغولية غير القانونية، حيث تم تعطيل سلاسل التوريد بسبب إغلاق الفيروس التاجي وتجدد العنف بين الجماعات المتشددة بأكثر من 40% منذ أبريل، بينما ارتفعت الأسعار بنحو الثلث في الأسواق العالمية.