حرب خفية في أفريقيا تتصاعد وتيرتها سريعا... ما علاقة اميركا؟

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) أن الدبلوماسية الأميركية فشلت في وقف القتال الدائر شمالي إثيوبيا، مشيرة إلى أن الحرب الأهلية في تلك الدولة الواقعة في شرق أفريقيا دخلت أكثر مراحلها إثارة للقلق حتى الآن.

 

 

 

وأوضحت أن إقليم تيغراي الواقع شمالي إثيوبيا بات ساحة حرب "غير مرئية"، وبؤرة صراع متمدد يتوارى خلف حصار حكومي قاس أدى إلى قطع الاتصالات في المنطقة، ومنع المراسلين من دخول البلاد، وجعل 5.2 ملايين شخص في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية. وكشفت الصحيفة -في تقرير لكبير مراسليها في أفريقيا، ديكلان والش- عن أن طائرة عسكرية أميركية تقل دبلوماسيين كبارا عبرت خط الجبهة في مهمة سرية لوقف إراقة الدماء، في وقت احتدم فيه القتال مجددا في شمال إثيوبيا سبتمبر/أيلول الماضي، مما أجهض هدنة استمرت 5 أشهر.

 

 

وجاء في التقرير أن الطائرة حلّقت على علو منخفض حتى لا يتم رصدها، متوجهة إلى إقليم تيغراي المحاصر في شمال البلاد -الذي ظل يخوض غمار حرب مع قوات حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد- قبل أن تواصل رحلتها إلى جيبوتي، لإجراء جولة من محادثات السلام المتوترة، وفقا لمصادر مطلعة على المفاوضات. وفي مؤشر على عدم ثقة واشنطن بطرفي الحرب الأهلية، كان المبعوث الأميركي إلى المنطقة مايك هامر من بين ركاب الطائرة التابعة للقوات الأميركية لضمان عدم إسقاطها.

 

 

عودة القوات الإريترية وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة عقدت 3 اجتماعات سرية خارج إثيوبيا (في جيبوتي وسيشل)، جمعت فيها لأول مرة القادة المتحاربين منذ اندلاع الحرب في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كان آخرها في التاسع من سبتمبر/أيلول الماضي، وحضره رضوان حسين مستشار آبي أحمد، وممثلون غربيون وتيغرانيون. غير أن التحول الأبرز الذي شهدته الساحة الأسابيع الأخيرة تمثل في عودة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي وجيشه إلى القتال بجانب قوات آبي أحمد في الحرب الأهلية في إثيوبيا.

 

 

 

 

ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، فقد استنفرت السلطات الإريترية قواتها المسلحة بالكامل، ودعت جميع الرجال الذين تقل أعمارهم عن 55 عاما إلى الخدمة العسكرية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولَين أميركييَّن القول إن الولايات المتحدة غيّرت في يناير/كانون الثاني الماضي نهجها في التعامل مع التطورات في إثيوبيا عندما أجرى الرئيس جو بايدن أول اتصال هاتفي مع آبي أحمد، مما هدأ المخاوف التي اعترت رئيس الوزراء الإثيوبي بأن واشنطن تسعى للإطاحة به، ومهد بذلك الطريق للمحادثات السرية.

 

 

وأثمرت تلك المحادثات عن التوصل إلى هدنة إنسانية، لكن الطرفين استغلاها في إعادة تسليح قواتهما، ومع حلول فصل الصيف بدا أن آبي أحمد يماطل، حسب مسؤولين لم يكشف التقرير عن هوياتهم. وأثارت عودة طرفي الصراع إلى الحرب -يوم 24 أغسطس/آب الماضي- انتقادات من خبراء يرون أن إدارة الرئيس بايدن أخفقت في ممارسة ضغوط كافية لإجبار الجماعات المتحاربة على إجراء محادثات سلام جوهرية. وقال كاميرون هدسون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والتابع الآن لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، "من الواضح أن الدبلوماسية لا تعمل. هناك الكثير من الجهد لكنهم لا يحققون أي شيء. لذلك علينا أن نتساءل عما إذا كنا نستخدم الأدوات المناسبة". وأشارت الصحيفة إلى أن دولا أخرى في المنطقة انجرفت نحو القتال في إثيوبيا، مثل السودان -الذي أصبح "ممرا" لطائرات تنقل أسلحة إلى إقليم تيغراي- طبقا لإحاطة سرية قدمتها للاتحاد الأوروبي مبعوثته إلى القرن الأفريقي، أنيت ويبر، سبتمبر/أيلول الماضي. وذكر مسؤولان أمميان أن نحو 650 من عرقية تيغراي، كانوا يؤدون مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في السودان، فروا من الجيش الإثيوبي طالبين اللجوء. وبحلول أغسطس/آب الماضي، اختفى نحو 400 من قوات حفظ السلام -معظمهم في إقليم تيغراي- للقتال إلى جانب اللاجئين الذين تم تجنيدهم من المخيمات على طول الحدود، حسبما قال المسؤولون. وفي تحليله للوضع، قال هدسون إن واشنطن كانت مترددة على ما يبدو في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة -مثل فرض العقوبات التي أقرها بايدن في نوفمبر/تشرين الثاني- على أمل أن تصبح إثيوبيا مرة أخرى شريكا أميركيا قويا في المنطقة. ولكن مع بلوغ التوتر في إثيوبيا "نقطة الانهيار" جراء الحرب في تيغراي، وكذا الصراع في مناطق أخرى في البلاد مثل إقليم أوروميا، فإن آمال واشنطن تبدو ضربا من "الوهم"، على حد تعبير هدسون.