هل شُطب خيار الحلّ الدبلوماسي للحرب في أوكرانيا؟

عربي ودولي
قبل سنة 1 I الأخبار I عربي ودولي

على وقع الحرب المتواصلة مع أوكرانيا منذ أكثر من 300 يوم دون أي تقدم سياسي يذكر، وفيما يبدو استعدادا لمرحلة جديدة من الحرب، جاء الاجتماع الموسع الأخير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع قيادات وزارة الدفاع.

 

 

 

وانتهى الاجتماع باتخاذ مجموعة إجراءات جديدة يمكن وضعها في سياق التأسيس لإستراتيجية عسكرية جديدة، يرى مراقبون أنها الأخطر منذ اندلاع الحرب في 24 شباط الماضي. وتشير قرارات الاجتماع بوضوح إلى توجه لرفع مستوى وسائل الردع العسكري، واستباق لأي تطور في منحى المساعدات العسكرية الأميركية لكييف، يمكن أن يتضمن حزمة مساعدات، قد تشمل إمداد القوات الأوكرانية بصواريخ باتريوت، والتي من المرجح أن تؤثر في سير العمليات العسكرية.

 

 

ومن هنا جاء التأكيد على بقاء توازن الردع النووي، عبر دعم القوات النووية البرية والجوية والبحرية، وإدخال صواريخ "سارمات" العابرة للقارات وصواريخ "تسيركون" الفرط صوتية إلى الخدمة العسكرية، إضافة إلى تزويد الجيش الروسي بكافة أصناف الأسلحة الحديثة، وتزويد جميع الوحدات القتالية بطائرات بدون طيار.

 

 

ودعا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغوخلال الجلسة إلى إجراء إصلاحات داخل الجيش تراعي، من بين أمور أخرى، تمدد حلف شمال الأطلسي شرقا، ورفع سن التجنيد الإجباري تدريجيا من 18 إلى 21 عاما، وزيادة عدد القوات المسلحة إلى 1.5 مليون، وإنشاء منطقتين عسكريتين جديدتين في موسكو ولينينغراد (في روسيا 4 قطاعات عسكرية: الغربي والأوسط والجنوبي والشرقي). ويبدو أن التطورات الميدانية الأخيرة، ومواصلة الغرب تقديم الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا، وصولا لتأمين نوع من التوازن العسكري لها مع روسيا، شكلت عوامل كافية لاستنهاض تحرك روسي، لمنع حصول اختلال في موازين الحرب.

 

 

 

 

ويكاد يسود إجماع لدى المراقبين والخبراء العسكريين والسياسيين الروس بأن التوجهات الجديدة لدى الكرملين تشير، بما لا يترك مجالا للشك، بأن المواجهة مع الغرب، عبر البوابة الأوكرانية، قد تمتد لأعوام.

 

ويعتقد مدير مركز التنبؤات، دينيس كركودينوف، أنه مع مطلع العام الجديد، قد يشن الجيش الروسي هجوما واسع النطاق داخل أوكرانيا، لكن هذا لا علاقة له بالزيارة الأخيرة لبوتين إلى المقر المشترك لقيادة العملية العسكرية، كما يعتقد الغرب، حسب كلامه. ويوضح أن الاجتماع الأخير لبوتين مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، وقائد العمليات في أوكرانيا سيرغي سوروفكين، يعني أن القيادة العسكرية الروسية لن توقف عملياتها في أوكرانيا، لأن المهمة لم تنجز بعد؛ فمناطق دونباس وزابوروجي وخيرسون لم يتم "تحريرها" بالكامل من الأوكرانيين، كما أن القيادة الروسية تهدف أيضا إلى السيطرة على أوديسا ونيكولاييف، من أجل عزل أوكرانيا عن البحر الأسود، وبالتالي، وقف جزء مهم من إمدادات الأسلحة الغربية. أما الهدف الثاني برأي كركودينوف فهو بناء طريق بري إلى ترانسنيستريا، فضلا عن السيطرة على منطقتي خاركوف ودنيبروبيتروفسك، باعتبارهما "أراضٍ روسية يجب استعادتها". ويلتقي كلام كركودينوف مع ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في وقت سابق، من أن منطقتي زابوروجيا وميليتوبول يمكن أن تصبحا الهدف الرئيسي التالي لهجوم الجيش الأوكراني. وتعتقد الصحيفة بأن هذه "الضربة ستسمح للقوات الأوكرانية بفتح بوابات شبه جزيرة القرم".

 

 

وتُولي الإجراءات الروسية أهمية كبرى لعامل الوقت، بالنسبة للقوات الأوكرانية، والتي قد تعاني مع الظروف الجوية في الشتاء. من هنا، لا يستبعد الخبير الإستراتيجي يوري دروبينسكي إمكانية تدخل الناتو في الصراع إذا ما تعرضت القوات الأوكرانية لـ"هزيمة خطيرة"، أو قامت القوات الروسية بتقدم سريع نحو كييف. ويوضح بأن الاستخبارات الأميركية تفيد بأن "هناك ما يكفي من قواتنا هناك للدفاع، ولكن ليس لشن هجوم واسع النطاق، بيد أن الأمور مرشحة للتغير بعد القرارات الأخيرة لموسكو بخصوص الإستراتيجية الجديدة للجيش".

 

وبرأيه، فإن على القوات الروسية، في كل الأحوال، تدمير البنية التحتية لأوكرانيا، بحيث تجعل من المستحيل على الغرب دعم كييف، إذ أنه من المستحيل إنهاء هذا الصراع من خلال الحل الدبلوماسي.

 

إلى جانب ذلك، لا يرى مراقبون روس رابطا بين رفع سن التجنيد الإجباري والتطورات الميدانية في أوكرانيا. ومن هؤلاء المحلل السياسي ستانيسلاف بيشوك الذي يقول إن رفع سن التجنيد إلى 21 عاما "ضروري لجذب الأشخاص الناضجين إلى صفوف الجيش". وبرأيه، سيساهم ذلك بزيادة الإمكانات العسكرية للموارد البشرية للقوات الروسية، إذ سيذهب هؤلاء إلى الجيش أكثر وعيا ونضجا وتقبلا لمتطلبات الخدمة العسكرية، بعد أن يتلقوا تعليما وتخصصا في الحياة المدنية. ويوضح إنه لزيادة سن التجنيد، من الضروري تعديل القوانين، متوقعا أن يقوم النواب بالموافقة على مقترح وزير الدفاع بهذا الخصوص العام المقبل.