مسعى جديد لتعزيز فرص الاستقرار وإغلاق ملف الحرب في اليمن

تقارير وحوارات
قبل سنة 1 I الأخبار I تقارير وحوارات

شهدنا في الأسبوع الماضي بوادر لتحريك ملف السلام في اليمن، بجهود خليجية قادتها المملكة العربية والسعودية وسلطنة عُمان، في مسعى جديد لتعزيز فرص الاستقرار وإغلاق ملف الحرب في اليمن، وجمع الأطراف اليمنية لدفعها نحو التفكير في المستقبل، بدلاً من الغرق في مستنقع الحرب لسنوات إضافية لن تؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة للشعب اليمني، بعد ثماني سنوات من الحرب المنهكة التي كان ضحيتها شعب اليمن، وهذا حال كافة الحروب التي تُفقِر الشعوبَ وتجهض آمالَها وتَضر بحاضرها وبمستقبل أجيالها.

 

وأمام هذه الفرصة الذهبية، من المفترض أن تبدي جميع الأطراف اليمنية، وخاصة جماعة الحوثيين، مرونةً ومراجعة لمواقفها، وأن تنظر إلى حجم ما خسره اليمن بالحرب، وتتطلع إلى ما يمكن أن يتحقق من مكاسب من وراء السلام والاستقرار، وإعادة تأهيل اليمن ليحظى شعبه بحياة طبيعية، بحيث توضع الخطط التنموية للخروج من مستنقع الحرب إلى مرحلة البناء، وتأمّل الدروس التي تركها الصراع خلال ما يقرب من عقد.

 

 

 

التوجه الخليجي لدعم السلام في اليمن ليس جديداً، حيث ظلت الدعوات لترسيخ السلام وإنهاء الفوضى ترافق جهود التحالف العربي لدعم الشرعية منذ انطلاقه بقيادة السعودية، كما لم تتوقف جهود الإغاثة الإنسانية والمساعدات من دول التحالف، حتى في ذروة الحرب، لدعم الحكومة الشرعية اليمنية، وعلى رأسها المساعدات التي تقدمها حتى اليوم دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.. لكن الحل الأمثل للملف اليمني هو إنهاء الحرب وبناء السلام، والجميع - بما في ذلك المجتمع الدولي والإقليمي - يكرر دعوتَه اليمنيين إلى أن يساعدوا أنفسهم من خلال التوصل إلى سلام يعيد الاستقرار الشامل، ويهيئ بلدَهم لمشاريع التنمية والاندماج الاقتصادي مع المحيط الخليجي والعربي.

 

وتأتي جهود إرساء السلام في اليمن بالتوازي مع تحركاتٍ دبلوماسية خليجية لتحسين العلاقات العربية التي تضررت بسبب التدخلات الإقليمية، ومن ضمنها عودة العلاقات مع سوريا وإنهاء العزلة التي عانت منها في المحيط العربي، بالإضافة إلى خطوة أخرى شجاعة تمثلت في فتح باب العلاقات الدبلوماسية مع إيران، لإقامة علاقات دبلوماسية متوازنة تُلزمها بالمواثيق المتعارف عليها بين الدول، وخاصة أن الانسحاب الأميركي من المنطقة أتاح لدول الخليج التحركَ بما يكفل حماية مصالحها، وتعزيز كل ما يؤدي إلى الحوار والتفاهم والتخفيف من حدة التوترات، تمهيداً لإيجاد حلول سياسية للأزمات المستعصية، ومنها أزمة اليمن.

 

 

 

ويحتاج السلام في اليمن إلى شجاعة وإرادة من جميع الأطراف اليمنية لتحقيق مصلحة شعب اليمن، لأن التحدي الأكبر هو النجاح في تحقيق السلام والتوقف عن المتاجرة بملف الحرب، وعليهم النظر في التقارير الدولية التي تتحدث عن معاناة أكثر من 20 مليون يمني من ظروف إنسانية قاسية على كافة المستويات، الصحية والتعليمية، وهو ما يضع أمام النخبة اليمنية التي تتردد في انتهاج خيار السلام استحقاقات، ويلزمها بالنظر الجاد والمسؤول إلى تلك المؤشرات الإنسانية الخطيرة، والنظر كذلك إلى أوضاع بلدان أخرى شهدت حروباً طويلة ودامية، مثل سوريا والعراق وليبيا، ويشهد واقع تلك الدول اليوم على مدى خطورة استمرار الحروب التي تؤجل مشاريع التنمية والنهوض وتحرم الشعوب من حقها في الاستقرار والازدهار مثل غيرها.

 

كما أن من مصلحة دول الخليج عودة الاستقرار إلى اليمن، لأنه يشجع زيادة الاستثمار الخليجي في اليمن، ويساهم في تنمية الاقتصاد اليمني، وفي تقليل التدخلات الخارجية.. من خلال التركيز على العلاقات التجارية والاقتصادية، وضمان الأمن والاستقرار، والتنمية الشاملة لشعوب المنطقة.