هل تكون زيارة الوفد الحوثي للرياض خطوة لإنهاء الحرب؟

تقارير وحوارات
قبل سنة 1 I الأخبار I تقارير وحوارات

​بعدما دخل اليمن حالة من المراوحة السياسية والعسكرية خلال الأشهر الأخيرة، واستمراره في حالة اللاسلم واللاحرب منذ أبريل 2022، برزت خطوة جدية من السعودية بعيدًا عن التحركات الدولية، لإنهاء هذا الملف الذي أثقل كاهل البلد العربي منذ أكثر من 8 سنوات.

ويرى البعض أن الزيارة الخاصة التي قام بها ولي العهد السعودي إلى مسقط، تعكس مدى جدية المملكة في التوصل إلى وقف دائم للحرب، خصوصًا أن التحركات التي أتبعتها تشير إلى ذلك، وسط فشل دولي في إنجاح أي تقدم سياسي منذ اندلاع الأزمة عام 2015. وعقب فشل تحقيق تقارب أكبر بعد زيارة وفد سعودي لصنعاء في أبريل الماضي، جاءت الزيارة التي يقوم بها وفد حوثي إلى الرياض، وهي المرة الأولى رسميًا منذ اندلاع الحرب، لتعطي مؤشرًا على تسارع في مسار حل الأزمة اليمنية.

وبعد ثلاثة أيام من زيارة قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مسقط، وصل وفد من جماعة الحوثيين رفقة وفد عُماني إلى الرياض، كأول وفد حوثي يصل إلى العاصمة السعودية منذ بدء الحرب، في خطوة تهدف لدفع عجلة الحل السياسي قدمًا.

ونقلت وسائل إعلام كـ"رويترز" و"فرانس برس" أمس، عن مسؤولين في الحكومة اليمنية وآخرين مطلعين على المحادثات قولهم إن الغاية من الزيارة "عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصل لاتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي".

وأوضحت أن المحادثات تتركز على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا عن طريق السلطة المعترف بها، وهي نقطة شائكة، وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظل مغلقًا لسنوات قبل أن يسمح التحالف، العام الماضي، بفتح أجوائه للطائرات إلى الأردن ومصر.

وفي ذات السياق كانت جماعة الحوثي أعلنت وصول وفد عماني إلى صنعاء، قالت إنه سيغادر رفقة وفدها المفاوض إلى السعودية، لاستكمال المفاوضات التي تجري منذ أشهر بوساطة من السلطنة. الخارجية السعودية عقب وصول الوفد الحوثي إلى الرياض قالت، في بيان: إن "المملكة وجّهت دعوة لوفد من صنعاء لزيارة المملكة لاستكمال اللقاءات والنقاشات"، دون تحديد موعد اللقاءات.

وأوضحت أن هذه الدعوة في إطار "مبادرة المملكة التي أعلنتها في مارس 2021"، حيث تنص على وقف إطلاق نار دائم تحت إشراف الأمم المتحدة، وبدء مفاوضات سلام بين الأطراف اليمنية.

وأشارت الخارجية السعودية إلى أن الدعوة تهدف إلى "استكمال للقاءات والنقاشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وبمشاركة من الأشقاء في سلطنة عُمان في صنعاء خلال الفترة من 8 إلى 13 أبريل  2023". وأكدت أن تلك الدعوة "استمرار لجهود المملكة وسلطنة عُمان للتوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن والتوصل لحل سياسي مستدام ومقبول من كافة الأطراف اليمنية".

وكانت وكالة "فرانس برس" نقلت عن مسؤول في الحكومة اليمنية مطّلع على فحوى المحادثات بين السعودية والحوثيين قوله، إن الغاية من الزيارة "عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي".

وزار وفدان عُماني وسعودي صنعاء، وهي الزيارة الأولى بالنسبة إلى السعوديين منذ بدء الحرب، والتقيا بقيادات جماعة الحوثي، في 9 أبريل الماضي، تتويجًا لجهود الوساطة العمانية والجهود الدولية المكثفة التي بذلتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لإحلال السلام في اليمن، غير أنهما لم يلتقيا لاحقًا كما كان مخططًا.

وعلى الرغم من أن الزيارة التي يقوم بها الوفد الحوثي إلى الرياض جاءت بعد زيارة ولي العهد السعودي إلى مسقط (11 سبتمبر)، للقاء السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، فإنه لم يتم الإعلان عن الملفات التي حملتها الزيارة.

وتزامنت الزيارة مع إعلان "مجلس الأمن" الدولي دعمه لجهود السعودية وعُمان نحو تحقيق السلام باليمن، وهو ما لم يترك مجالًا للشك بأهداف الزيارة، والتي تبعها زيارة الوفد العُماني إلى صنعاء وانتقاله إلى الرياض رفقة ممثلين للحوثيين. ويرى الباحث في العلاقات الدولية، نجيب السماوي، أنه "من المبكر الحديث عن السلام"، لكنه في ذات الوقت يشير إلى أنه "لا يمكن إنكار دور سلطنة عُمان البارز في التحركات الأخيرة بشأن السلام في البلاد".

ويشير إلى أن الشعب اليمني يأمل في أن تكون المشاورات المرتقبة في الرياض "البداية الحقيقية لإنهاء الحرب بكل تفاصيلها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية".

وأضاف: "ربما التحركات العُمانية تكثفت بشكل كبير، وزيارة بن سلمان لمسقط دليل على ذلك وعلى جدية السعودية في إنهاء الملف الذي أثر عليها بشكل كبير، لكن بذات الوقت من المبكر الحديث عن أن الوساطة العمانية تقترب من إنجاح مهمة إنهاء الحرب وتقريب وجهات النظر".

ويعتقد أن جماعة الحوثي ربما تحظى بتنازلات من السعودية كملف فتح الموانئ والمطارات، والاستيراد المفتوح خارج لجان التفتيش، وتسليم الرواتب ومبالغ التعويض والإعمار، وسيمرر تصوراته لكيفية تنمية موارده عبر اقتسام مناطق الثروات على قاعدة الكثافة السكانية والتي لن تذهب قطعًا للناس، حتى وإن كانت تلك الثروات في المناطق المحررة".

ولفت إلى أن ما سيحدث في الرياض من اتفاق قد يصل إلى توقيع مرتقب، تأتي ضمن "جولات مكوكية للأمريكيين والمبعوث الأممي للمنطقة وزيارات لعدن من قبل الاتحاد الأوروبي ورئيس مجلس التعاون الخليجي"، معتقدًا في الوقت ذاته أنه "قد يتم استبعاد الشرعية عن أن تفرض مطالبها وإرغامها على الموافقة على مطالب الحوثي حتى لو كانت خارج إرادتها".

وتابع بقوله: "ما قد يحدث ربما تسوية بشروط الحوثي متوافق عليها بين طهران والرياض وعواصم القرار الدولي، مع استمزاج الموقفين الروسي والصيني حول فصل الملفات، ومعالجة كل ملف على حدة، وعدم ربط ملف اليمن بالصراع الدولي". وارتفع زخم الجهود المبذولة إقليميًا ودوليًا لإحلال السلام في اليمن خلال الشهرين الأخيرين، وهي التي قد تكون هيأت لهذه الزيارة الحوثية إلى الرياض.