فلسطين تهزِم الكيان الصهيوني بالضربة القاضية بمعركة كيّ الوعيْ بوسائط التواصل الاجتماعيّ بإمكانياتٍ محدودةٍ

تقارير وحوارات
قبل سنة 1 I الأخبار I تقارير وحوارات

يومًا بعد يومٍ، وفي ظلّ انتشار وسائط التواصل الاجتماعيّ، تُواجِه إسرائيل حربًا جديدةً تكشِف المستور، وتزيد من إحراج الكيان المُحرج أصلاً، وذلك على الرغم من الرقابة العسكريّة الحازمة المفروضة على الإعلام الإسرائيليّ على مختلف مشاربه، وغنيٌّ عن القول إنّ وسائط التواصل الاجتماعيّ تلعب لصالح تسويق الرواية الفلسطينيّة، وتحديدًا في كلّ ما يتعلّق بمجريات الأمور التي تشهدها المنطقة منذ بدء عملية (طوفان الأقصى) يوم السبت السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الجاري.

وبعدما كانت إسرائيل تُسيطِر تقريبًا على تسويق روايتها للإعلام التقليديّ، وجدت نفسها المرّة وبكثافةٍ كبيرةٍ، في حربٍ إعلاميّةٍ شرسةٍ، ضدّ عدوٍّ مُتمرسٍ على الجبهة الإعلاميّة، والأمر اللافت أنّ الإسرائيليين أنفسهم، وبعد الإخفاق المجلجل من الناحية الأمنيّة لجيش الاحتلال، توقفوا عن تصديق إعلامهم، المُتطوِّع أصلاً لصالح الأجندة الرسميّة، بسبب الكمّ الهائل من المعلومات التي استقوها عن طريق وسائط التواصل الاجتماعيّ، علمًا أنّ الفلسطينيين كانوا السبّاقين في نشر الصور والفيديوهات التي أدخلت الكيان في متاهةٍ زادت من خشيته وقلقه، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المُستوطنين وصلوا إلى حالةٍ شديدةٍ من الإحباط بسبب الإخفاق الذي لم تشهده دولة الاحتلال منذ إقامتها في العام 1948.

في السياق قالت المستشرقة الإسرائيليّة كسانيا سفاتلوفا، قالت في تقريرٍ نشرته بموقع (زمان إسرائيل) العبريّ: “يبدو أنّ هذا الجيل الفلسطينيّ الشاب، المولود في أوْ بعد الانتفاضة الثانية، لم يعد يؤمن بحل الدولتين، وبينما أخذت إسرائيل وقتها وهربت من المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، نشأ جيل في رام الله وجنين وغزة والخليل لم يعد مهتمًا بهذا الحل ولا يؤمن به”.

وبحسب المستشرقة: “بينما كنت أشاهد المئات من مقاطع الفيديو لشبان وشابات من الضفة الغربية، شعرت بالضبط بما شعرت به في عام 2006 قبل انتخابات البرلمان الفلسطينيّ، الاشمئزاز من السلطة الفلسطينية التي يُنظر إليها على أنّها عفا عليها الزمن، الجسم الفاسد والعنيف والدعم لحماس في غياب خيارات أخرى”، على حدّ قولها.

ووفقًا للدكتور طال بافال، الخبير في الشبكات والإنترنت في الوطن العربيّ، مؤسس ومدير معهد الدراسات السيبرانية في الكلية الأكاديمية تل أبيب – يافا، فإنّ ما يحدث على موقع التواصل (تيك توك) لا يقتصر على هذه الشبكة الاجتماعية لقد حدثت أشياء مماثلة من قبل على (فيسبوك) و (تويتر) و (انستغرام).

 يقول بافيل: “القوة في البساطة ويمكن الوصول إليها”. ويضيف “حتى لو بدا لنا أنّ (فيسبوك) قد أنشأ نظامًا أساسيًا عالميًا وموحدًا، فقد اتضح أنّ هناك عائقًا لغويًا وجيليًا بعد كل شيءٍ، وأنّه في مرحلة ما كنّا جميعًا أسرى فضاءات من صدى الذات وليسوا في الحقيقة يتعرض للعالم بأسره”.

 ومضى قائلاً: لا يسمح (تيك توك) أيضًا بالاتصال الكامل بين جميع المستخدمين البالغ عددهم مليار (وحتى أكثر)، لكن طبيعة المحتوى مختلفة”، و”إذا كان (فيسبوك) و (تويتر) يعتمدان على نصوصٍ، قصيرةٍ أوْ طويلةٍ، فإنّ (تيك توك) و (انستغرام) يعتمدان على الصورة المرئية، صورة أوْ مقطع فيديو. تبدو مقاطع فيديو (تيك توك) وكأنّها شيئًا غريبًا بالنسبة للبالغين الذين لا يفهمون المرجع والموسيقى والاتجاهات، ويشجع التطبيق أيضًا المستخدمين على تحميل المواد الخاصة بهم، أكثر بكثير من (انستغرام)، على سبيل المثال”.

 وتابع الخبير الإسرائيليّ قائلاً: “تقدم خلاصة (تيك توك) مقاطع فيديو لمشاهدتها لا تعتمد بالضرورة فقط على ما اعتدت مشاهدته أنتَ أوْ ما اعتدت مشاهدته، إنّ خلاصة (تيك توك) الخاصة بك ممتلئة قبل أنْ تتابع حتى مستخدمًا واحدًا”.

كما أشار جون هيرمان من صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة حتى من قبل أصبحت الشبكة الاجتماعية هي الشبكة الأكثر سيطرة.

وقال “تسمح هذه الشروط للمدونين الفلسطينيين ومؤيديهم في العالم ليس فقط بالحصول على الكثير من الظهور – فقد نجحت الشقيقتان بيلا وجيجي حديد أيضًا في هذا على إنستغرام، ولكن أيضًا لتشكيل حركة تضامنٍ عربيّةٍ ودوليّةٍ واسعةٍ فيما يتعلق النضال الفلسطينيّ”، على حدّ قوله.

وبحسب الأحداث الأخيرة بات واضحًا أنّ مستخدمي (تيك توك) و (انستغرام) الفلسطينيين والمؤيدين لهم ينتصرون على الساحة الافتراضية، حيث تمكّنوا من إنتاج حملةٍ عالميّةٍ لنصرة قضيتهم وبإمكانياتٍ محدودةٍ وحققوا ما عجزت القيادة الفلسطينية عن تحقيقه لفترة طويلة، باهتمام العالم.

وبرأي الخبراء الإسرائيليين، الذين يُتابِعون ويُواكِبون هذا التطوّر، فإنّه في غضون عقد من الزمان، سيُشكِّل هذا الجيل من الشباب، المتحدثون باللغات والعولمة ووسطاء وسائل التواصل الاجتماعي، سيُشكّلون وجه المجتمع الفلسطينيّ، وربّما يقودونه، إذْ أنّ إسرائيل التي اعتادت إدارة احتلالها، في كلٍّ من غزّة والضفة الغربيّة، مع نفس القادة لعقود من الزمن، ستُفاجأ مرّةً أخرى.

* رأي اليوم