مع توسع رقعة الحرب العالمية الثانية التي اندلعت عقب الغزو الألماني لبولندا يوم 1 أيلول/سبتمبر 1939، اتجهت بريطانيا لتجنيد العديد من سكان مستعمراتها بهدف إرسالهم نحو جبهات القتال. وضمن قوانين حالة الحرب، لم يتردد البريطانيون في مصادرة العديد من ممتلكات الدول المستعمرة.
فإضافة للمحاصيل الزراعية، عمدت السلطات البريطانية لمصادرة عدد من السفن، المملوكة لمستعمراتها، بهدف استخدامها بعمليات نقل الجنود، وبالتزامن مع ذلك، تواجدت السفينة المصرية الخديوي إسماعيل ضمن هذه السفن المصادرة من قبل وزارة الحرب البريطانية.
صورة للسفينة الخديوي إسماعيل قبيل إعادة تسميتها
مصادرة السفينتين
إلى ذلك، سجلت هذه السفينة ظهورها خلال عشرينيات القرن الماضي. فخلال العام 1920، طلبت إحدى مؤسسات الشحن والنقل التشيلية من مؤسسة Scotts Shipbuilding and Engineering Company بناء سفينتين بهدف استخدامهما بعمليات الشحن والنقل بين شمال وجنوب القارة الأميركية. وخلال العام 1922، حصلت المؤسسة التشيلية على طلبها حيث أرسلت إليها سفينتا سميتا أكانكاغوا (Aconcagua) وتينو (Teno).
في الأثناء، واجهت هاتان السفينتان منافسة شديدة بمجال الشحن بين شمال وجنوب القارة الأميركية. ومع انهيار بورصة وول ستريت سنة 1929 وبداية الأزمة الاقتصادية العالمية، اتجهت المؤسسة التشيلية لإعادة بيع أكانكاغوا وتينو لإحدى المؤسسات الإسكتلندية التي وافقت بدورها عام 1935 على بيعهما لمؤسسة البوستة الخديوية بالإسكندرية. ومع استلامها لهاتين السفينتين، أعادت مؤسسة البوستة الخديوية تسميتهما فأطلقت اسم الخديوي إسماعيل على السفينة أكانكاغوا، ومحمد علي الكبير على السفينة تينو.
صورة للخديوي إسماعيل الذي سميت السفينة نسبة له
وعلى الرغم من حصول مصر على استقلالها بشكل صوري بوقت سابق، واصلت بريطانيا هيمنتها على البلاد. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، عمدت وزارة الحرب البريطانية لمصادرة السفينتين المصريتين ووضعتهما تحت تصرف شركة الهند البريطانية للملاحة البخارية التي استخدمتها بمهام نقل الجنود.
وبأول مهمة لها من الأراضي البريطانية نحو جبل طارق، استهدفت السفينة محمد علي الكبير وأغرقت من قبل الغواصات الألمانية يوم 7 آب/أغسطس 1940. وفي المقابل، واصلت السفينة الخديوي إسماعيل مهامها بالمحيط الهندي وتنقلت بين الهند ومصر والقارة الإفريقية.
غرق السفينة الخديوي إسماعيل
خلال سنوات الحرب، شاركت السفينة الخديوي إسماعيل بالعديد من المهام حيث عملت الأخيرة على إجلاء القوات البريطانية من اليونان عقب غزو دول المحور لكل من يوغوسلافيا واليونان. فضلا عن ذلك، شاركت الأخيرة بمهام نقل الجنود الهنود، العاملين لصالح بريطانيا، نحو كل من أريتريا والعراق وتنزانيا.
بطاقة بريدية بريطانية تحمل صورة السفينة الخديوي اسماعيل
يوم 12 شباط/فبراير 1944، تواجدت السفينة الخديوي إسماعيل ضمن أسطول بحري تنقل بين مومباسا وكولومبو بسريلانكا الحالية. وعلى متن هذه السفينة المصرية الأصل، تواجد 1348 راكبا كان من ضمنهم 996 عنصرا من فرقة شرق إفريقيا 301 للمدفعية البريطانية إضافة لأكثر من 100 فرد من الطواقم الطبية. وعند قناة سوفاديفا (Suvadiva Channel)، التي ربطت بين شمال ووسط المالديف، في حدود الساعة الثانية والنصف مساء من ذلك اليوم، استهدفت السفينة الخديوي إسماعيل بطربيدين أطلقتهما تجاهها الغواصة اليابانية إي 27 (I-27).
أسفر هذا الهجوم الياباني عن إلحاق أضرار جسيمة بالسفينة الخديوي إسماعيل التي سرعان ما غرقت نحو قاع المحيط متسببة في مقتل 1297 من ركابها. وبسبب عدد القتلى المرتفع، صنفت عملية إغراق السفينة الخديوي إسماعيل كثالث أكبر كارثة نقل بحري، بالمجال العسكري، للحلفاء بالحرب العالمية الثانية.