منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، تبذل الفصائل المرتبطة بما يُعرف بـ "محور المقاومة"، الذي تقوده إيران، جهودًا لتسويق عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن، كأحد الشخصيات المؤثرة في الأحداث الجارية في المنطقة، وبخاصة في سياق القضية الفلسطينية. وقد أصبح الحوثي يقدم نفسه الآن كخليفة محتمل للأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، الذي قُتل في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت.
وعلى الرغم من المسافة الجغرافية بين اليمن وفلسطين، فإن محور المقاومة في العراق أو لبنان، المدعوم من طهران، لم يتخذ خطوات مغامرة كما فعل الحوثيون، الذين استهدفوا حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن. لم يسع هذا المحور أيضًا لإبراز شخصية قيادية أخرى غير نصر الله، حيث دفع الحوثي إلى واجهة الأحداث من خلال خطب أسبوعية تتناول الهجمات على الملاحة وتطورات الصراع في غزة.
بينما كان "حزب الله" هو الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وتدريبها عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا، إلا أن نصر الله كان نادرًا ما يتحدث عن تطورات الصراع في الأراضي الفلسطينية أو عمليات الحزب ضد الجيش الإسرائيلي، على عكس الحوثي الذي كان يظهر بشكل متكرر ويصدر بيانات عسكرية شبه يومية.
بعد مقتل نصر الله وعدد من القادة العسكريين في الحزب، وغياب خليفة رسمي له، يسعى عبد الملك الحوثي، وفقًا لمراقبين، لتقديم نفسه كخليفة في المحور الإيراني. وقد كثف الحوثي من خطبه حول الأوضاع في المنطقة، كان آخرها عن ذكرى العملية التي نفذتها فصائل فلسطينية في غزة ضد إسرائيل، والتي أدت إلى اندلاع الحرب المستمرة. تحدث الحوثي عن "المردود الكبير" لهذه العملية والخسائر التي نتجت عنها في الأراضي الفلسطينية.
تأخرت خطبة الحوثي عن موعدها المعتاد بأكثر من 35 دقيقة، واستمرت لأكثر من ساعة ونصف، حيث خصصها للحديث عن "بطولات حزب الله" ومهاجمة كل من لا يؤيد وجهة نظر إيران وحلفائها. انتقد الحوثي أيضًا من يتحدثون عن الخسائر في صفوف المدنيين والبنية التحتية في غزة ولبنان، مشيرًا إلى أن من يؤيد إسرائيل يصبح شريكًا في الجرائم.
كما أعاد الحوثي تأكيد ما قاله المرشد الإيراني علي خامنئي بأن "ما تفعله إسرائيل من جرائم إبادة لن يغير من مصيرها المحتوم". ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قدم الحوثي نفسه كقائد لـ "محور المقاومة"، مؤكدًا أن الجبهات في لبنان والعراق واليمن تتجه نحو التصعيد ضد إسرائيل.
على الرغم من تصريح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بأن إيران لا تمتلك سلطة على هذه الفصائل، إلا أن الحوثي أكد أن طهران "تدعم جبهات الإسناد وتقف معها". وأوضح الحوثي أن إيران كانت ولا تزال داعمة للفلسطينيين والمجاهدين في لبنان على كافة الأصعدة.
في خطبته الأخيرة، سعى الحوثي لوضع نفسه كـ "الصوت الرائد" داخل "محور المقاومة"، مدافعًا عن الدور الإيراني ومشيرًا إلى أن الحكومات العربية ليست راغبة في الانخراط في القتال. وتعهد الحوثي بمواصلة الهجمات من قبل "محور المقاومة"، مؤكدًا استهداف 193 سفينة مرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا منذ عام.
قال الحوثي: "نحن في جبهة اليمن مستمرون في موقفنا المبدئي لنصرة الشعب الفلسطيني ومجاهديه، وإخوتنا في لبنان، ومجاهدي حزب الله، ومع إيران". وأضاف: "قواتنا استهدفت 193 سفينة مرتبطة بالعدو الإسرائيلي وأميركا وبريطانيا". وأعلن الحوثي أن جبهة اليمن قامت بقصف أكثر من 1000 صاروخ ومسيرة، بجانب إسقاط 11 طائرة مسيرة أميركية من نوع "إم كيو 9" خلال العام.
حول الخسائر التي لحقت بالجماعة نتيجة الغارات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية، قال الحوثي إن العمليات أسفرت عن 82 شهيدًا و340 مصابًا. وشدد على أن "جبهات الإسناد لغزة تتجه نحو التصعيد أكثر ضد العدو الإسرائيلي، وتسعى لتطوير قدراتها في التصدي للعدوان وإسناد الشعب الفلسطيني".