ما تأثير انسحاب خبراء "حزب الله" من اليمن على هجمات "الحوثيين"؟

محليات
قبل ساعتين I الأخبار I محليات

كشفت الغارات الإسرائيلية المكثّفة على مواقع تابعة لميليشيا حزب الله اللبناني، عن انسحاب عدد من القادة العسكريين البارزين لدى الحزب، من الأراضي اليمنية مؤخرا، بعد أكثر من عقد على أدوارهم البارزة في مساندة ميليشيا الحوثي في حربها الداخلية، وتطوير قدراتها العسكرية.

 

ومن بين كثير من قيادات ميليشيا حزب الله التي قضت في الضربات على ضواحي بيروت الجنوبية، خلال الأسابيع الماضية، تبرز ثلاثة أسماء شاركت بفاعلية في دعم الحوثيين وتأهيل مقاتليهم وتطوير قدراتهم الصاروخية وطائراتهم المسيرة.

 

ويأتي في مقدمتهم إبراهيم عقيل، الذي يعدّ الرجل العسكري الثاني في الحزب، ومحمد سرور، قائد القوة الجوية لدى حزب الله، والقيادي في قوة "الرضوان" باسل شُكر، الذي قتل يوم السبت الماضي.

 

ويمتد دعم ميليشيا حزب الله اللبناني لميليشيا الحوثي في اليمن بالخبراء العسكريين، إلى ما قبل حرب صعدة السادسة، التي تجددت بين ميليشيا الحوثي والدولة اليمنية، خلال العامين 2009 – 2010، قبل أن تسهم الاضطرابات السياسية وحالة الانفلات الأمني المتزايد في البلد منذ العام 2011 حتى اندلاع الحرب في العام 2015، في وصول المزيد من الخبراء الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين، عبر مسارات متعددة.

 

وذكر نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، العميد طارق صالح، قائد قوات "المقاومة الوطنية"، في تصريح سابق، أن إيران أرسلت بعد العام 2011 خبراء من حزب الله اللبناني يصل عددهم إلى 300 خبير عسكري، بهدف تدريب عناصر ميليشيا الحوثي.

 

*ضرورات البقاء*

 

ويقول الباحث المتخصص في الشأن العسكري اليمني، عدنان الجبرني، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن معظم خبراء حزب الله اللبناني، غادروا بشكل تدريجي، عقب الهدنة الأممية التي انطلقت في اليمن مطلع إبريل/ نيسان من العام 2022، وبقيت مجموعات متخصصة في التصنيع والتقنية بشكل أساسي.

 

ويشير الجبرني، إلى أن الخبراء سواء من حزب الله أم الحرس الثوري الإيراني، "كانوا يتناوبون عبر فترات خدمة معينة، ويتغيرون بين كل فترة وأخرى، ولم تكن مجموعاتهم ثابتة في اليمن".

 

وبيّن أن من يلزم أن يبقى من الخبراء، لضرورات التصنيع وإطلاق الصواريخ وخبراء البحرية "سيبقون في اليمن، سواء كانوا من الحرس الثوري أم من حزب الله، أم من جنسيات أخرى، لأن جبهة الحوثيين، رئيسية وتمثّل عمقا للمحور الإيراني، وبالتالي هم يحتاجون إليها بكامل جاهزيتها وقدرتها على تنفيذ ما يوكل إليها من غرفة عمليات المحور المركزية".

 

وبحسب أحدث تقارير المراقبين الدوليين التابعين للأمم المتحدة في اليمن، فإن خبراء الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله اللبناني والمتخصصين العراقيين، أسهموا في تطوير الحوثيين من جماعة محلية مسلحة بقدرات محدودة، إلى "منظمة عسكرية قوية، بالاعتماد على العتاد والتكنولوجيا العسكرية المتنوعة، المقدمة من مصادر خارجية".

 

*فراغ محدود*

 

وتثير عودة خبراء ميليشيا حزب الله إلى بلدهم الذي يعيش حربا مشتعلة ضد إسرائيل، التساؤلات حول حجم الفراغ الذي تتركه مغادرتهم في قدرات ميليشيا الحوثي الهجومية في ممرات الملاحة الدولية، وعملياتها العسكرية ضد إسرائيل.

 

ويرى الخبير العسكري الإستراتيجي، العميد محمد الكميم، أن ثمّة تأثير محدود لانسحاب هؤلاء الخبراء، على المستوى القيادي لعمليات الحوثيين العسكرية، "يرتبط بدورهم القيادي الميداني الفاعل، لكن يبقى هناك الكثير من الخبراء الأجانب متواجدين في اليمن".

 

وقال الكميم في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن إيران وحزب الله، أرسلا إلى اليمن على مدى عقد ونصف، آلاف الخبراء والمدربين الذين أهلوا ونقلوا الخبرات والتقنيات إلى الحوثيين، إضافة إلى استمرار ميليشيا الحوثي في إرسال الآلاف من عناصرها إلى إيران ولبنان والعراق لتلقي المزيد من التدريبات.

 

وذكر أن الخبراء الأجانب ومن الموجودين منهم إلى جانب الحوثيين في اليمن، "هم قيادات ميدانية، يمتلكون صلاحيات الأمر والنهي، ولهم قرار اتخاذ المعركة، وتقييم العمليات العسكرية والتخطيط لها وتنفيذها، ولديهم الصلاحية لاستجلاب مزيد من الدعم العسكري الإيراني، ما يعني وصول قطع الأسلحة إلى أيدي هؤلاء الخبراء، وهم من يتولى عملية جمعها وتركيبها وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة".

 

مشيرا إلى بقاء الكثير منهم في الميدان اليمني، لمواصلة دورهم "وقد يتولون إدارة المعارك المتوقع اندلاعها بين ميليشيا الحوثي واليمنيين خلال الفترة القادمة، في إطار المعركة الداخلية".

 

*ما بعد غزة ولبنان*

 

ويعتقد المحلل السياسي، خالد سلمان، أن التكهّن بمدى تأثير عودة خبراء حزب الله إلى لبنان على قدرات الحوثيين "غير ممكن، نظرا لاتصال الأمر بمدى توطين الصناعات الحربية، ومساحة نقل الخبرات الإيرانية وحزب الله إلى صفوف الحوثيين".

 

وأضاف، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن التدفق العسكري على مستوى الخبراء إلى اليمن، يأتي بـ"مهام ذات طابع نوعي وتدريب عالي المستوى وتعبوي عقائدي مذهبي، ينقل تجربة الأنفاق وبناء مدن أسفل أراضي البلد، ويدير معركة الصواريخ ومهاجمة السفن في البحار وحتى قصف إسرائيل".

 

وأكد سلمان، أن ما بعد غزة ولبنان ليس كما قبلهما، "إذ بات الحوثي على قوائم الإضعاف إن لم يكن الشطب الكلي من معادلة الحرب والسلم ومجمل تفاصيل التسوية، وذلك في سياق خارطة جديدة تُرسم للمنطقة، تخلو من أذرع إيران ومن الخطاب الطائفي الديني".

 

وقال إن هذه الخارطة "تبدأ من الملفات السياسية والاقتصادية، وحتى ترتيب أولويات التحالف العسكري، بما يعرف بشرق أوسط جديد، يزيل تهديد الحوثيين لأمن وسلامة الجوار".