في بلدٍ ينهار من الداخل، حيث المعلم بلا راتب، والجندي بلا غذاء، والمواطن بلا كهرباء أو ماء، تواصل "الشرعية اليمنية" صرف ملايين الدولارات شهريًا لمسؤوليها القابعين في فنادق الخارج. وكأن الشعب لا يعنيها، وكأن الجوع لا يطرق أبواب اليمنيين.
في مشهدٍ يختصر العبث، كشف الصحفي فتحي بن لزرق عن تحويل 11 مليون دولار دفعة أولى إلى حسابات مسؤولين حكوميين خارج البلاد، تحت بند "الإعاشة الشهرية"، بينما آلاف الموظفين داخل اليمن ينتظرون فتاتًا لا يأتي، ويُطالبون بالعودة إلى أعمالهم دون أن تُصرف لهم حقوقهم.
وفجّر رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد"، موجة غضب واسعة بعد فضحه استمرار الحكومة الشرعية في صرف مبلغ 11 مليون دولار لمسؤولين حكوميين مقيمين خارج اليمن، تحت بند "الإعاشة الشهرية"، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة وانهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية.
وفي تغريدة كاشفة نشرها على منصة "إكس"، قال بن لزرق: "تم صرف مبلغ وقدره 11 مليون دولار يوم أمس، وتم تحويله بنكيًا إلى حسابات المسؤولين الحكوميين المقيمين في الخارج تحت بند الإعاشة الشهرية للمؤلفة قلوبهم (دفعة أولى)."
وأضاف بن لزرق بلهجة غاضبة: "من المعيب أن يتم تحويل كل هذه الأموال إلى الخارج، في حين أضغط أنا وغيري منذ أسابيع على معلم لا حول له ولا قوة، راتبه 60 ألف ريال لم يُصرف منذ ثلاثة أشهر، نطالبه بسرعة 'العودة' إلى قاعات التدريس، ومثلهم الآلاف من جنود الجيش والأمن الذين ينتظرون منذ أشهر مرتبهم اليتيم الذي لم يصل حتى اليوم، يسمعون بانخفاض الأسعار ولا يستطيعون شراء شيء."
ووصف بن لزرق ما يحدث بأنه "وصمة عار"، مضيفًا: "بل إنه الخزي والعار ذاته..! الأخ رشاد العليمي، ما يحدث من تصرف بمال الشعب للقابعين في الخارج فعل لم يعد مقبولًا ولا مقبولًا استمراره. كفى عبثًا، كفى..!"
وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد الغضب الشعبي من استمرار ما وصفه ناشطون بـ"الثقب الأسود" الذي ينهب العملة الصعبة من اليمنيين، عبر تحويلات دورية لمسؤولين لا يمارسون أي مهام فعلية داخل البلاد، ويقيمون في فنادق وعواصم عالمية على حساب الشعب اليمني المنهك.
ويُعد هذا الكشف من بن لزرق من أخطر الاتهامات الموجهة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، حيث يسلط الضوء على استمرار ممارسات مالية مثيرة للجدل، في وقت تتوقف فيه رواتب المعلمين والجنود، وتغيب فيه أبسط مقومات الحياة عن المواطنين داخل اليمن.
ردود الفعل على التغريدة جاءت غاضبة ومؤيدة، حيث اعتبر كثيرون أن ما كشفه بن لزرق يمثل "جريمة أخلاقية واقتصادية"، تستوجب محاسبة عاجلة، ووقفًا فوريًا لهذا النزيف المالي الذي يُغذّي حياة الترف لمسؤولين خارج حدود الوطن.