في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية في اليمن، تتجه الأنظار نحو المجتمع الدولي كجهة قد تكون قادرة على كسر الجمود الذي يعيق الإصلاحات الاقتصادية، بعد أن اصطدمت محاولات الحكومة المعترف بها دولياً برفض وتعطيل داخلي مستمر من أطراف نافذة، يُتهم بعضها بالضلوع في الفساد ونهب المال العام.
وبينما تتراجع قيمة العملة الوطنية وتتآكل القدرة الشرائية للمواطنين، تتزايد التحذيرات من انهيار اقتصادي شامل، في وقت تعجز فيه الحكومة عن صرف الرواتب وتوفير الخدمات الأساسية، وسط شح في الموارد وتوقف شبه كامل في تصدير النفط، أحد أبرز مصادر الدخل الوطني.
ورغم إعلان السعودية عن منحة مالية بقيمة 368 مليون دولار، تم إيداع 90 مليوناً منها لدعم النفقات التشغيلية، إلا أن خبراء اقتصاديين يرون أن هذه المساعدات لا تكفي لإنقاذ الاقتصاد ما لم تُقر إصلاحات جذرية تشمل استعادة الموارد العامة وتوريدها إلى البنك المركزي في عدن، وتفعيل الرقابة على الإنفاق العام.
في المقابل، تستمر جماعة الحوثي في إدارة اقتصاد موازٍ في مناطق سيطرتها، ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويعيق وصول المساعدات، ويزيد من معدلات الفقر والجوع، حيث تشير تقارير دولية إلى أن أكثر من 80% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، ونحو 20% من المديريات دخلت مرحلة المجاعة.
ويؤكد مراقبون أن تعثر الإصلاحات لا يعود فقط إلى الانقسام السياسي، بل إلى وجود شبكات فساد داخل مؤسسات الدولة الشرعية، تعرقل أي خطوات نحو التعافي، وتقاوم بشدة أي إجراءات تهدف إلى إعادة ضبط الإنفاق أو توحيد الإيرادات.
في هذا السياق، تلوّح الرباعية الدولية بفرض عقوبات على الجهات التي تعرقل الإصلاحات، في خطوة اعتبرها البعض بمثابة "العصا الدولية" التي قد تُجبر أرباب الفساد على التراجع، وتفتح الباب أمام إصلاحات طال انتظارها.
ويرى خبراء أن نجاح أي خطة اقتصادية يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وتعاوناً بين الحكومة والسلطات المحلية، إلى جانب دعم دولي صارم يضمن عدم تعطيل استعادة مؤسسات الدولة أو الاستمرار في العبث بالمال العام.
وفي ظل هذا الواقع، يتساءل اليمنيون: هل يكون الضغط الدولي هو المفتاح الأخير لإنقاذ الاقتصاد؟ أم أن منظومة الفساد ستظل عصية على الإصلاح حتى تنهار آخر ركائز الدولة؟






