نجاة السعيد
نجاة السعيد

رئاسة ترامب.. توقعات عام 2025

عودة دونالد ترامب المرتقبة إلى البيت الأبيض في عام 2025 تأتي محملة بمزيج من الوضوح والمفارقة، وهي السمة التي لطالما ميزت أسلوبه القيادي. يُعرف ترامب بتصريحاته القاطعة، مثل قوله: «أقول ما أعنيه وأعني ما أقول»، والتي تعكس شخصية حازمة ومباشرة.

ومع ذلك، فإن نهجه غير التقليدي وطبيعته غير المتوقعة يضفيان جانباً من الغموض، مما يجعل التنبؤ بالاتجاه الدقيق لسياساته وقراراته أمراً معقداً. يشير العديد من المحللين إلى أن هذه المفارقة تتجاوز مجرد خطاب ترامب لتشمل نهجه القيادي بأكمله. فرغم أن أجندة «أميركا أولاً» التي يتبناها تعكس نزعة انعزالية وتركيزاً على القضايا الداخلية، فإن رؤيته للولايات المتحدة تتسم بدورها كزعيم عالمي مهيمن. فهو يتوقع من الحلفاء والخصوم على حد سواء أن يصطفوا مع المصالح الأميركية، مما يجسد تصوراً شاملاً لدور القيادة الأميركية على الساحة الدولية. وتُبرز هذه الأبعاد المتناقضة رئاسة تجمع بين المشاركة الانتقائية والتمسك الحازم بالنفوذ الدولي. في المنطقة العربية، يُتوقع أن تستمر سياسة الولايات المتحدة في عهد ترامب بالتوجه وفق القيم والأولويات والمصالح الاستراتيجية الراسخة.

تاريخياً، ارتكز انخراط الولايات المتحدة في المنطقة على أربعة أهداف رئيسية: حماية موارد الطاقة وضمان استقرار أسواق النفط، وتأمين أمن إسرائيل، والتصدي للتهديدات الناجمة عن خصوم مثل روسيا وإيران.

ورغم ثبات هذه الأولويات عبر الإدارات المختلفة، فإن أساليب تحقيقها غالباً ما تتأثر بشخصية الرئيس ورؤيته. من المتوقع أن تظل أولويات الولايات المتحدة الاستراتيجية قائمة خلال ولاية ترامب الثانية المحتملة، مع مواقف حازمة تجاه قضايا إقليمية ملحة. ففي غزة، هدد برد قوي إذا لم يُطلق سراح الرهائن قبل توليه المنصب في يناير 2025، رغم غياب تفاصيل واضحة. وفي لبنان، يُتوقع استمرار التقدم البطيء. أما بشأن سوريا، فرغم ميل ترامب للابتعاد عن التدخل العميق، لا يُرجح انسحاب أميركي كامل. كما تظل هجمات «الحوثيين» على إسرائيل تحدياً كبيراً، ما يستدعي استمرار التدخلات الأميركية والبريطانية.

ورغم هذه التحديات، يبرز تركيز ترامب على تعزيز الاتفاقيات الإبراهيمية بعداً إيجابياً لنهجه في المنطقة. فهو يعتبر هذه الاتفاقيات أحد الإنجازات البارزة خلال ولايته الأولى، ويبدو من خلال تحليلات العديد من الخبراء أنه عازم على توسيع هذه الاتفاقيات لتعزيز السلام والتعاون الإقليمي. كما يشدد ترامب على أهمية إشراك الشعوب ونشر مفهوم «السلام الدافئ»، ضمن إطار هذه الاتفاقيات لضمان استمراريتها وقوتها بعد انتهاء رئاسته.

من المتوقع أن تجمع قيادة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بين الحزم والطموح مع لمسة من عدم القدرة على التنبؤ. قد يؤدي هذا النهج إلى إعادة تشكيل دور الولايات المتحدة في المنطقة العربية، موازناً بين الواقعية السياسية والمبادرات الطموحة. وبينما تترقب الدول العربية عودته، تبقى سياساته محط أنظار لما قد تحمله من تحديات وفرص جديدة.

نقلا عن "الاتحاد"