هناك عوامل كثيرة تبقي على استمرار الصعود التدريجي للدولار الامريكي في مبادلتة بالعملة الوطنية وارتفاع الطلب عليه في سوق الصرف الأجنبي .بعض هذه العوامل لها علاقة بوجود حالة من عدم اليقين المسيطر على معظم المتعاملين في سوق الصرف عندما يتعلق الأمر بالمستقبل .فالتوقعات متشائمة للغاية لناحية حجم العوائد المتوقعة ولناحية الشكوك القوية بشأن استتاب الاستقرار الاقتصادي مما يلقي المزيد من الضغوط علىارتفاع الطلب على الدولار سواء كان ذلك بدوافع الاستيراد أو بدوافع المضاربة.
لكن ماهي اسباب اتصاف السوق بمثل هذا المزاج غير المثالي ؟
اولا :لأن معظم البنوك وشركات الصرافة والشركات التجارية أصبحت تستخدم مؤخرا وبشكل متعاظم مواطير الديزل والبنزين في تأدية خدماتها نتيجة انقطاع خدمة الكهرباء لفترات طويلة جدا هذا الأثر المباشر ينعكس على معنوية المتعاملين في سوق الصرف ويبرز حالة البيئة الاقتصادية الطاردة وغير الداعمة التي يعمل في ظلها القطاع الاقتصادي والمالي الخاص وحتى العام ولاينبغي الاستهانة بهذا العامل ابدا .
ثانيا : ان مستوى الأزمة الاقتصادية والمعيشية وغياب الاستثمارات الحقيقية الجديدة التي من شأنها أن تسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي لازال كما هو بل وتتعاظم التحديات مع غياب أي إمكانية لحدوث أي انفراج سياسي في اليمن يمكن البنا عليه بحيث ينعكس إيجابيا على الوضع الاقتصادي .
ثالثا : استمرار التطورات في البحر الاحمر والأوضاع الأمنيه عموما ترسل رسائل سلبيه مزعجة لاسواق السلع والخدمات وفي نفس الوقت اي متغيرات سلبية فيما يتصل بعمل حكومة الشرعية ومجلس الرئاسة تنعكس مباشرة ايضا على المتعاملين في الاقتصاد لأن سوق السلع والخدمات وسوف الصرف الحرة في عدن تشكل بحق مرٱة للاقتصاد اليمني ككل .
ثالثا: ضعف وغياب المعلومة العلمية الصحيحة لدى المتعاملين في سوق الصرف وفي الأنشطة التجارية عموما بشأن الواقع و المستقبل يجعل كافة أصحاب عناصر الإنتاج عرضه للاشاعة في تشكيل اتجاهاتهم المستقبلية .
رابعا : رجال المال والأعمال يرون بأم أعينهم مستوى الاحتقان والتوتر الاجتماعي الذي يتصف به الشارع في عدن وفي مدن أخرى مع المظاهرات المستمرة حيث أن مدرسي المدارس في قطاع التعليم الأساسي مضربين عن العمل منذ الشهر الماضي اضيف لهم أساتذة الجامعات الحكومية في عدن ولحج وشبوة وربما حضرموت هؤلاء الذين تناط بهم صناعة المستقبل يطالبون بحقوقهم بعد أن تٱكلت دخولهم بفعل التضخم وتدهور سعر الصرف و بعد أن أصبحوا المشتغلين في هذه القطاعات المهمه وغيرهم من موظفي القطاعات الأخرى في تعداد الفئات الأكثر فقرا والأشد تدهورا في المجتمع مع ازديات التفاوت الفج
في الدخول بين أصحاب السلطة وأصحاب المصلحة الحقيقية .
لكن الأشقاء في المملكة أعلنوا منذو ايام ومن خلال تصريح ٱل جابر السفير السعودي في اليمن عن تقديم دعم (جديد !)لحكومة الشرعية والشعب اليمني حسب تعبيره بمبلغ نصف مليار دولار موزعة على النحو الآتي
300 مليون لدعم احتياطيات البنك المركزي و 200 مليون دولار لدعم الموازنة للدوله فلماذا تجاهل السوق هذا الاعلان ولم ينعكس مثل هذا الخبر السار إيجابا على سعر الصرف ؟
هناك عاملين رئيسين في هذا الامر :
العامل الرئيسي الاول: تواضع المبلغ المعلن عنه من قبل السفير السعودي فالبنك المركزي يحتاج إلى دعم بوديعة لاتقل قيمتها عن ثلاثة مليار دولار تقريبا لكي يحدث ذلك فرقا جوهريا وحقيقيا في سعر الصرف. خاصة مع استمرار فرض القوة القاهرة على صادرات النفط والغاز ..
كما أن تمكن الدولة في الاستمرار بصرف رواتب موظفي القطاع العام للعام الحالي 2025 يحتاج إلى تجديد دعم الموازنة اليمنية بمليار دولار وهذا بالتتابع لم يحدث حتى الٱن .
العامل الرئيسي الثاني :يتلخص في أن المبلغ الذي أعلنه السفير السعودي يمثل التزامات سابقة على الحكومة السعودية وليس دعما جديدا لأن المئتين مليون دولار التي ذهبت لدعم رواتب موظفي الدولة تشكل الدفعة الرابعة والأخيرة من حجم المليار دولار الذي قدمته المملكة لليمن للعام 2024 بمعنى ليس هذه دعما جديدا .
تبقى قصة ال300 مليون دولار التي ذهبت للبنك المركزي هذا الرقم يمثل تقريبا ماتبقى من الوديعة السعودية المحددة بمليار دولار للبنك المركزي التي أعلن عنها عشية التوقيع على اتفاق الرياض وتشكيل مجلس الرئاسة حيث استخدم البنك المركزي 775مليون دولار من هذه الوديعة فيما تبقى 225 مليون دولار تمثل الدفعة الاخيرة من الوديعة المحددة بمليار دولار لم ياذن الجانب السعودي للبنك المركزي باستخدامها يعني أن المبلغ الجديد يشكل فقط 25 مليون دولار .
فيما الامارات والتي كانت قد تعهدت هي الأخرى أيضا في نفس المناسبة عن دعم البنك المركزي بمليار دولار لم تضع في حسابات البنك المركزي في الخارج سواء (300)مليون دولار استخدمت من قبل الحكومة لشراء مدخلات محطات الكهرباء في عدن والمحافظات الاخرى التابعة للشرعية .لهذا فإن سوق الصرف كان ذكيا على الرغم من هشاشة مؤسساته حيث لم يتأثر إيجابا بالاعلان السعودي عن الدعم الجديد.
وفي الاخير ومهما قيل أو يقال فقد كانت المملكة الشقيقة تاريخيا المانح الرئيس وستضل الداعم الأكبر لليمن .
د.يوسف سعيد احمد
4يناير 2025