أسئلةٌ محيرة وتحاليل عميقة التفكير تصاحبني كلما هممت إلى التفكير في مستقبل الشباب ودورهم في بناء سلام وأمن الوطن كشباب يمني وشريحة مهمة وغالبية المجتمع هم من الشباب ، وكان أبرز تلك الأسئلة هو: هل دور الشباب دوماً عدائي؟
إجابة هذا السؤال تجعلنا نستذكر ما نفكر به جميعاً عندما نناقش دور الشباب في النزاعات… وفي الواقع، أنه منذ بداية خروج الشباب إلى الساحات يناشدون بالتغيير لأجل ضمان حقوقهم وإشراكهم في صناعة القرار الوطني معبرين آنذاك عن المطالبة بحق من حقوقهم كونهم شريحة عظمى في المجتمع وليس لهم أي دور أو إهتمام أو رعاية ، سرعان ما تحولت الموجة إلى إستغلال أطراف لقضيتهم وكان الشباب من دفع ثمن ذلك الاستغلال حتى انفجر الوضع وصار الشباب يمثل النسبة الأكبر من المقاتلين في مختلف الجبهات ، وإلى الآن ما زالت مختلف الأطراف تستخدم الشباب كأداة ضغط و قوة في الخلافات السياسية مما يجعل دعمهم شيئاً قيماً ولكن للأسف في الإتجاه الخاطئ. كما أن الإستغلال السيئ لطاقات الشباب وتجاهل آرائهم وطموحاتهم مع قلة الفرص والإمكانيات التعليمية في البلاد باتت من العواقب التي تواجههم يومياً وتبعث فيهم السلبية المفرطة والإحباط المتراكم.
وهنا يأتي دور قرار مجلس الأمن 2250 الصادر في 9 ديسمبر 2015 وما لحقه من قرارات ذات صلة لتشجيع مشاركة الشباب في عملية بناء السلام والأمن وصناعة القرار، مما يجعل الشباب والمؤسسات القيادية الشبابية شريكا أساسياً لمواجهة التطرف والعنف، والانتقال من النزاع إلى بناء السلام على المستويين المحلي والدولي. و يقدم هذا القرار الأممي خمسة مسارات أساسية لبناء دور فاعل وايجابي للشباب، وهذه المسارات تتمثل في مسار مشاركة الشباب المتمثل في مشاركتهم صنع القرار وأخذ رأيهم بجدية، ومسار الشراكة المتمثل بالتفاعل بين الشباب والحكومة أو صناع القرار، ومسار الحماية المتمثل في تفعيل آلية لحماية المدنيين بما فيهم الشباب، و مسار الوقاية المتمثل بإتاحة المجال للشباب لإقامة أنشطة لبناء بيئة تنبذ التطرف وتعزز ثقافة التسامح، ومسار نزع السلاح وإعادة الإدماج المتمثل في إخراج الشباب من المليشيات بتوفير فرص أفضل لتوظيف طاقاتهم.
بعد التعرف على ما يتضمنه قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2250 فلابد أننا نتسائل عن كيفية تطبيقه على أرض الواقع! وكيف نتجاوز العقبات التي تواجههم كشباب يمني في مناطقهم، فكما نعلم أن الوضع يختلف في كل مدينة يمنية عن الأخرى وأن المشاكل العديدة تجعل التفاؤل والتفكير الإيجابي صعباً أحيانا؛ لذلك نحن نتساءل عن قرار مجلس الأمن وتطبيقه والذي نعول عليه كثيراً ولا زال لدينا أمل في سماع الأمم المتحدة للأصوات الغير مسموعة، وتحويل طاقات الشباب المدفونة إلى إيجابية تساعد على بناء بلدهم بأساليب واقعية وقابلة للتطبيق، لضمان عملية صنع سلام متماسك حقيقي شامل ليسهم في تمكين الشباب أنفسهم من أن يلعبوا دورهم ويشاركوا في وضع خطة للوصول إلى دائرة الأمان والاستقرار حتى يتمكنوا من السيطرة على الإختلافات السياسية في البلاد.
ونحن نعلم جيدآ أن الأمم المتحدة تسعى لمساعدة الشباب والوقوف مع آمالهم وتطلعاتهم، ولكننا نطمح بوجود دولة وحكومة تُشبع احتياجات الشباب وتعمل على تبني قضاياهم ومعالجتها وتقوم بإشراكهم في صناعة القرار الوطني وتفسح المجال أمامهم للمشاركة على الصعيدين المحلي والدولي. كما نأمل بأن تكون الأمم المتحدة شريكاً لمشروع الشباب وملبية لكل آمالهم وتطلعاتهم وأهدافهم التي من شأنها بناء وطن آمن يسوده السلام، فتأريخ الأمم المتحدة كما نعرفه له دورا كبيرا في مناطق النزاع ونحن نُحسن الظن فيها، ونعول عليها كثيرا في الفترة القادمة أن تكون مشاركة لحل الأزمة التي نواجهها الآن في اليمن بأيدي وطاقات ورؤية الشباب اليمني.