جهز عثمان رضي الله عنه جيش العسرة*؛ وأعتق ابو بكر رضي الله عنه العبيد الذين أسلموا؛ في مكة وأنفق عبدالرحمن بن عوف على ثلث فقراء المدينة؛ واشترى عثمان رضي الله عنه بئر رومة؛ وقال النبي صلى الله عليم وسم ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر.
*والملاحظ أن ستة من العشرة المبشرين بالجنة كانوا تجارا وأثرياء* وكانت لهم مساهمات كبيرة في مجالات التنمية والقضاء على الفقر وتجهيز الجيوش؛ ومسببات معركة بدر الكبرى في بدايتها كانت لكسر خط التجارة الدولي مع رؤساء القطاع الخاص في مكة .
*عالميا يحرك الاقتصاد الدولي القطاع الخاص؛ وما تراه حولك من سيارات* وقطارات وأجهزة وانترنت ما هو إلا نتاج القطاع الخاص وتبقى الدولة مراقب عام للحفاظ على الأمن وإيجاد مناخ مناسب للتطور.
*والقطاع الخاص ليس فقط مال وصناعة وتجارة*؛ بل هو كذلك إعلام وجامعات ومراكز أبحاث؛ فالوعي أصبح يتشكل بفعل أدوات القطاع الخاص ؛ فبناء كيان موازي للدولة كظل محفز يمتلك مقومات البناء سيحدث تغيير يفرض التطور والتحديث داخل هرم الدولة المهترأ؛ ويكفي أن تدرك أن سبعة رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية تخرجوا من جامعة هارفارد؛ وهي جامعة خاصة؛ فالجامعة مصنع خاص لتشكيل القطاع العام ونقل التجربة.
*الحكومات الإلكترونية؛ وخدمة النافذة الواحدة*؛ والحوكمة؛ والرقابة والشفافية والذمة المالية؛ والتحسين المستمر؛ وامتلاك رؤية خمسية أو عشرية؛ والتدريب والتأهيل؛ والمنافسة والتحديث؛ والقياس وفق مؤشرات الأداء؛ كل هذه خرجت من رحم القطاع الخاص وسعير التنافس للشركات العابرة للقارات.
*سياسات كثير من الدول لم تعد تنطلق من قناعات* الشعوب وجمهور المنتخبين؛ بل أصبحت تسير وفق مصالح القطاع الخاص؛ فشركات النفط والغاز مثلا أثرت ولا زالت تؤثر على دول الشرق الأوسط؛ وشركات الإعلام والانترنت أصبحت تتحكم في الوعي الجمعوي للتوجه العام للدول الكبرى.
*في دول العالم الثالث تحتاج وقت طويل حتى تعرف من هو المتحكم* الفعلي بملفك؛ لان الشركات الخاصة عابرة للقارات تتقاسم المصالح مع حيتان صغيرة داخل الدولة؛ ومع ارتفاع مستوى الوعي بضرورة التحديث؛ هناك تطوير لأدوات السيطرة والتحكم .
*عملية التغيير ليس لها طريق واحد*؛ وليس بالضرورة أن تكون داخل برنامج سياسي ؛ يمكنك إحداث تغيير بوسائل عادية؛ والتغيير يكون ببناء مؤسسات موازية تغذي مؤسسات الدولة بنماذج وتجارب ناجحة؛ تتحدث تدريجيا حتى تقف على نظام يمتلك قدر مقبول من الشفافية والمصداقية والنمو المتدرج.