أكدت وسائل الإعلام وفاة يحيى الشامي الذي لحق بابنه زكريا الذي أسند إليه بداية الإنقلاب وبضغط منه منصب رئاسة هيئة أركان الجيش اليمني للأسف الشديد بقرار جمهوري.
أُعلن عن وفاتهما بسبب فيروس كورونا، وفي الأمر شك كبير، إذ الظن غالب على تصفيتهما من جناح الهاشمية الموالية لإيران التي تعمل تحت إمرة إيرلو، والواقع والاغتيالات السياسية التي حصلت في صنعاء بعد وصول الحاكم الإيراني أحد المرجحات.
يحيي الشامي الذي يحمل رتبة لواء عين في عهد صالح في عدة مناصب حساسة، منها محافظ محافظتي صعدة ومأرب، وقبل تحمله أي منصب من مناصبه الكثيرة كان يقسم على كتاب الله ليحافظن على النظام الجمهوري والدستور والقانون، وفي السر يقوم بأخس خيانة لهذا القسم عشرات السنين، هندس خلالها انقلابا على النظام الجمهوري في مفاصل الدولة والجيش والقبيلة والمجتمع والعلاقات الخارجية توج بالانقلاب الأخير.
كان رئيس ما يسمى بمجلس حكماء بني هاشم، الذي قام على فكرة تأسيس مملكة بني هاشم في اليمن منطلقا من فكرة تمييز عنصري، وتجربة تاريخية، ومن قراءة للنظام الدولي الحديث الذي يشجع حكم الأقليات للأغلبيات في البلدان العربية.
لا يهم الرجل عقيدة وصية إلهية ولا يحزنون، وهو ينتمي إلى أسرة هاشمية من السدة في محافظة إب التي لم تكن زيدية.
الذي يهمه في الهاشمي الذي يشتغل معه أن يسعى إلى الحكم والانقلاب على النظام الجمهوري، سواء أكان زيديا أم جاروديا أم رافضيا أم سنيا أم علمانيا، أم فاسقا أم متدينا، فكرة واحدة فقط تسيطر عليه، وهي الهاشمية.
ومن هذا المنطلق فقد نظر إلى الحركة الراديكالية الجارودية الحوثية شبه الرافضية المرعية من إيران على أنها حركة هاشمية مسلحة تساعده على تسريع الانقلاب الذي كان يطبخه على نار هادئة عشرات السنين.
ولابد أنه مهندس تحالف مجلسه الهاشمي مع علي عبدالله صالح بعد حرب 94، والذي ظهر واضحا جليا مع الانقلاب الأخير.
ولابد أنه دينامو تنسيق العلاقات الخارجية لهذا التحالف، وأنه قد اخترق بل استحوذ على جهاز علي صالح الدبلوماسي منذ أن استطاع أن يوسع الشرخ بين علي صالح وحلفائه قبل 1994م.
وعلى أغلب الظن أنه كان مهندس إدارة علي صالح للحروب الستة التي شنتها الحركة الحوثية، وأنه قد هيأ الأرضية لهذه الحروب عندما كان محافظا لصعدة.
ولابد أيضا أنه ومجلسه كان وراء تماسك الانقلاب وتمكنه من جهاز الدولة ومن العاصمة ومن الحرس الجمهوري ومن قبيلتي حاشد وبكيل والهضبة عموما، وأجزاء من اليمن الواسع في غير منطقة الهضبة شمالا وجنوبا وخصوصا محافظة إب التي ينتمي إليها، وذلك عبر خطة طويلة المدى.
ولابد أنه ومجلسه هو الذي كان وراء التمكن من علي صالح وقتله بسهولة بالغة، في خطوة أذهلت كل المراقبين، ولا سيما حلفاء علي صالح الخارجيين.
لقد كان هذا الرجل ومجلسه وبالا كبيرا على الأسر الهاشمية، سواء منهم الموالون للانقلاب الذين يكادون يَفنون ويُفنون الناس حواليهم في مواجهة الجمهورية، أو المعارضون له الذين وضعهم في موقف محرج مع الشعب اليمني.
يعد القاضي الدكتور عبدالله الحاضري الذي فدى الجمهورية بنفسه قبل أيام في ملحمة الدفاع عن مأرب والنظام الجمهوري أحد النماذج الهاشمية الوطنية التي تعبر بوضوح عن امتعاضها من الانقلاب الخبيث.
رحل الشامي وهو يشاهد الحاكم الإيراني حسن إيرلو يستحوذ على كل أحلامه التي بناها في عشرات السنين، فإن لم يكن اغتيل فقد مات مقهورا وهو يرى مملكته تنهار ووريثه على العرش يسبقه إلى القبر.
وسيقابل الله وفي ذمته جرم المآسي التي عانى منها الشعب اليمني منذ سنة 1994م.
(وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) وعند الله تجتمع الخصوم.