د.عارف عبد. الكلدي
د.عارف عبد. الكلدي

أساتذة ومعلمون خوارج

هناك نوع من أعضاء وعضوات هيئة التدريس ومساعديهم في الجامعات، ومن المعلمين والمعلمات في الثانويات والمدارس الابتدائية يمكن أن يقال عنهم أنهم خوارج متطرفون. 

 

الخوارج هو اسم لمجموعة من البشر غالبا ما يكونون من الشباب.. متدينون ولكنهم متطرفون، قليلو الخبرة، ضيقو الخيال، متعنتون في الفتوى، إذا أخطأ المسلم خطأ واحدا كفروه وأخرجوه من الإيمان، وهذا خلاف ما عليه دين الله الواسع الأفيح، فإن الإيمان عند الله يزيد وينقص، زيادته بالطاعة ونقصانه بالمعصية، وفي منهج الله العادل كل شيء محسوب، الحسنات محسوبة، والسيئات محسوبة، وهناك ميزان توزن به الحسنات والسيئات، ومن كرم الله الذي هو العدل والحق والجمال والجلال والرحمة أن الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بواحدة قابلة للمحو.

 

بعض من صفات الأساتذة والمعلمين الخوارج مايلي:

 

- التعنت في الملازم والمقررات، إذ يحشونها بتفاصيل التفاصيل، وعنت العنت، بدون منهجية ولا تدريس معقول.

 

- التعنت في أسئلة الامتحانات، وفي هذا الموضوع قد ترى الواحد منهم يقول في نفسه وربما أمام الناس: فيه أسئلة أتحدى أي طالب يجيب عليها مهما كان ذكاؤه.

 

- التعنت في التصحيح، فهو يبحث عن الأخطاء، ولا يلاحظ الجهد المبذول، فإذا بذل الطالب جهدا مشكورا وأخطأ خطأ واحدا أو ظهر خطأ في النتيجة النهائية كانت نتيجة تصحيح السؤال صفرا أو قريبا من الصفر.

 

- التعنت في الترسيب، فبعض هؤلاء تجد كثيرا من طلابه راسبين أو بدرجة مقبول مع أنهم بذلوا جهدا في المراجعة وليسوا من المهملين.

 

 من أسباب هذا التطرف الخارجي عند الأساتذة والمعلمين: 

 

1- قلة العلم: والعلم ليس المعلومات، وإنما هو رؤية عميقة راسخة تتكون مع طول الزمان تتناسب طرديا مع الرحمة، يقول ابن القيم: "الإنسان كلما زاد علمه زادت رحمته، ولهذا فإن الله جل جلاله لما كان علمه كاملا كانت رحمته كاملة".

 

2- سن الشباب وقلة الخبرة والتجربة، ولهذا السبب تجد الأستاذ والمعلم كلما تقدم في السن زاد علمه، واتسع وعيه، وزادت رحمته.

 

3- عدم إدراك الذكاءات المتعددة، والفوارق بين الناس، فلكل نوع من البشر ذكاؤه الخاص، وهذا النوع من الأساتذة المتطرفين يحاكمون الطلاب بنوع ذكائهم الخاص بهم، ويجعلون عقولهم الخاصة هي المعيار للحكم.

 

4- عدم معرفتهم بعلم النفس وطرق التدريس ووسائل التربية، ولهذا تجد غالب هؤلاء من الذين لم يأخذوا دبلوم التربية والتعليم وعلم النفس، ومنهم الذين تعينوا معيدين في غير كلية التربية ولا يعرفون شيئا عن هذا الدبلوم، مثل معيدي وأساتذة الطب والهندسة والإدارة والحقوق وغيرها من الكليات، أو من الذين التحقوا بسلك التدريس الابتدائي والثانوي وليسوا من خريجي كلية التربية، وقد يكونون من خريجي كلية التربية ولكنهم بسبب حداثة سنهم أيام التعليم الجامعي، وعدم ثقافتهم بالعلوم الإنسانية لم يتمعنوا في هدف وعمق هذا الدبلوم، ولم يأخذوه بجد، ويكثر هذا من المتخصصين في العلوم البحتة مثل: الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء.

 

ينبغي على الجامعات ووزارة التربية وإدارات التربية بالمحافظات ألا يسمحوا لأحد بالتدريس إلا بعد أن يأخذ دبلوم التربية وعلم النفس وطرق التدريس.

 

وأوصي هذا النوع من الزملاء بالعدول عن هذه الطريقة القاسية في التعليم، وأن يتفكروا في أثرها على مستقبل الطلاب.

وفي الختام لابد من الإشارة إلى أن الرحمة لا تعني الإهمال و(الزمبلة) وعدم الشعور بالمسؤولية، فهذه لا تقل ضررا عن التعنت، فخير الأمور أوساطها، والعبرة بتحقيق الهدف من عملية التعليم.  

د. عارف عبد